Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 92-95)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو وعاصم في رواية حفص " السدين " - بالفتح - الباقون بالضم . وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً وحده " يفقهون " بضم الياء وكسر القاف . الباقون بفتح الياء والقاف . وقرأ عاصم وحده " يأجوج ومأجوج " بالهمز . الباقون بلا همز . وقرأ اهل الكوفة إلا عاصماً " خراجاً " بالف . الباقون { خرجاً } بغير الف . اخبر الله تعالى عن حال ذي القرنين أنه اتبع طريقاً الى جهاد الكفار الى ان بلغ بين السدين ووصل الى ما بينهما ، وهما الجبلان اللذان جعل الردم بينهما - فى قول ابن عباس وقتادة والضحاك . والسد وضع ما ينتفي به الخرق ، يقال : سده يسده سداً فهو ساد ، والشيء مسدود ، وانسد انسداداً ، ومنه سدد السهم ، لأنه سد عليه طرق الاضطراب . ومنه السداد الصواب ، والسد الحاجز بينك وبين الشيء . قال الكسائي : الضم والفتح في السد بمعنى واحد . وقال أبو عبيدة وعكرمة : ( السد ) - بالضم - من فعل الله ، وبالفتح من فعل الآدميين . وقوله { وجد من دونهما } يعني دون السدين { قوماً لا يكادون يفقهون قولاً } اي لا يفهمونه . ومن ضم الياء أراد لا يفهمون غيرهم ، لاختلاف لغتهم عن سائر اللغات ، وانما قال { لا يكادون } لانهم فقهوا بعض الشيء عنهم ، وإن كان بعد شدة ، ولذلك حكي عنهم أنهم قالوا { إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض } والفقه فهم متضمن المعنى ، والفهم للقول هو الذي يعلم به متضمن معناه يقال : فقه يفقه وفقه يفقه . وقوله { قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض } حكاية عما قال القوم الذين وجدهم ذو القرنين من دون السدين ، فقالوا إن هؤلاء مفسدون في الارض أي في تخريب الديار ، وقطع الطرق ، وغير ذلك . { فهل نجعل لك خراجاً } فمن قرأ بالألف ، فانه أراد الغلة . ومن قرأ بلا ألف أراد الأجر { على أن تجعل بيننا وبينهم } يعني بيننا وبين يأجوج ومأجوج " سداً " قال لهم ذو القرنين { ما مكني فيه ربي خير } من الاجر الذي تعرضون عليّ { فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً } فالردم أشد الحجاب - فى قول ابن عباس - ، يقال : ردم فلان موضع كذا يردمه ردماً ، وردم ثوبه ترديماً إذا اكثر الرقاع فيه ، ومنه قول عنترة : @ هل غادر الشعراء من متردّم أم هل عرفت الدار بعد توهم @@ اي هل تركوا من قول يؤلف تأليف الثوب المرقع . وقيل الردم السد المتراكب وقرأ ابن كثير " مكنني " بنونين . الباقون بنون واحدة مشددة . من شدد أدغم كراهية المثلين . ومن لم يدغم قال : لانها من كلمتين ، لان النون الثانية للفاعل ، والياء للمتكلم ، وهو مفعول به . وقوله { أعينوني بقوة } أي برجال يبنون ، و ( الخرج ) المصدر لما يجرج من المال ، والخراج الاسم لما يخرج عن الارض ونحوها . وترك الهمزة في { ياجوج وما جوج } هو الاختيار ، لان الاسماء الاعجمية لا تهمز مثل ( طالوت ، وجالوت ، وهاروت ، وماروت ) . ومن همز قال : لانه ماخوذ من اجج الثار ومن الملح الأجاج ، فيكون ( مفعولا ) منه فى قول من جعله عربياً ، وترك صرفه للتعريف والتأنيث ، لانه اسم قبيلة ولو قال : لو كان عربياً لكان هذا اشقتاقه ولكنه أعجمي فلا يشتق لكان أصوب قال رؤبة : @ لو ان ياجوج وماجوج معاً وعاد عاد واستجاشوا تبعا @@ فترك الصرف فى الشعر ، كما هو في التنزيل ، وجمع يأجوج يآجيج ، مثل يعقوب ويعاقيب لذكر الحجل ، وولد القبج السلك والانثى سلكة ومن جعل { يأجوج ومأجوج } فاعولا جمعه يواجيج بالواو ، مثل طاغوت وطواغيت . وهاروت وهواريت . واما مأجوج فى قول من همز ، فـ ( مفعول ) من أج ، كما أن ياجوج ( يفعول ) منه . فالكلمتان على هذا من أصل واحد في الاشتقاق ، ومن لم يهمز ياجوج ، كان عنده ( فاعول ) من ( يج ) كما ان ماجوج ( فاعول ) من ( مج ) فالكلمتان على هذا من أصلين ، وليسا فى أصل واحد ، كما كانا كذلك فيمن همزهما ، وإن كانا من العحمي فهذه التقديرات لا تصح فيهما . وانما مثل بها على وجه التقدير على ما مضى . وقال الجبائي والبخلي وغيرهما : إن ياجوج وماجوج قبيلان من ولد آدم . وقال الجبائي : قيل : انهما من ولد يافث بن نوح ، ومن نسلهم الاتراك . وقال سعيد ابن جبير : قوله { مفسدون في الأرض } معناه يأكلون الناس . وقال قوم : معناه انهم سيفسدون ، ذهب اليه قتادة .