Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 96-98)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { الصدفين } - بضم الصاد والدال - ابن كثير ، وابو عمرو ، وابن عامر ، الباقون - بفتح الصاد والدال - إلا أبا بكر عن عاصم ، فانه ضم الصاد وسكن الدال . وقرأ أهل الكوفة إلا حفصاً { قال آتوني } قصراً . الباقون ممدوداً . وقرأ حمزة وحده { فما اسّطاعوا } مشددة الطاء بالادغام ، وهو ضعيف - عند جميع النحويين - لان فيه جمعاً بين ساكنين . حكى الله تعالى عن ذي القرنين أنه قال للقوم الذين شكوا اليه فساد ياجوج وماجوج فى الارض وبذلوا له المال ، فلم يقبله ، وقال لهم اعينوني برجال واعطوني وجيئوا بزبر الحديد ، لا عمل منه - في وجوه ياجوج وماجوج - الردم . والزبرة الجملة المجتمعة من الحديد والصفر ونحوهما ، واصله الاجتماع ، ومنه ( الزبور ) وزبرت الكتاب إذا كتبته ، لانك جمعت حروفه . والحديد معروف حددته تحديداً إذا أرهتفه ، ومنه حد الشيء نهايته . وقال ابن عباس ومجاهد : زبر الحديد قطع الحديد . وقال قتادة : فلق الحديد . وقوله { حتى إذا ساوى بين الصدفين } تقديره انهم جاؤا بزبر الحديد وطرحوه حتى إذا ساوى بين الصدفين مما جعل بينهما أي وازى رؤسهما . والصدفان جبلان - في قول ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وابراهيم - وقيل : هما جبلان كل واحد منهما منعزل عن الآخر كأنه قد صدف عنه ، وفيه ثلاث لغات - ضم الصاد والدال وفتحهما وتسكين الدال وضم الصاد - فال الراجز : @ قد أخذت ما بين عرض الصدفين ناحيتيها وأعالي الركنين @@ وقال ابو عبيدة : الصدفان جانبا الجبل . وقوله { قال انفخوا } يعني قال ذو القرنين انفخوا النار على الحديد ، والزبر فنفخوا { حتى إذا جعله ناراً } أي مائعاً مثل النار ، قال لهم { آتوني } أي اعطوني . وقرئ بقطع الهمزة ووصلها ، فمن قطع ، فعلى ما قلناه ، ومن وصل خفض وقصر ، وقيل معناه جيؤني { أفرغ عليه قطراً } نصب { قطراً } بـ { أفرغ } ولو نصبه بـ { آتوني } لقال أفرغه . والقطر النحاس فى قول ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة - وأراد بذلك أن يلزمه . وقال ابو عبيدة : القطر الحديد المذاب وانشد : @ حساماً كلون الملح صاف حديده جرازاً من اقطار الحديد المنعت @@ وقال قوم : هو الرصاص النقر ، واصله القطر ، وكل ذلك إذا أذيب قطر كما يقطر الماء . وقوله فما اسطاعوا أن يظهروه أي لم يقدروا أن يعلوه { وما استطاعوا له نقباً } من اسفله - في قول قتادة . وفي ( استطاع ) ثلاث لغات ، استطاع يستطيع ، واسطاع يسطيع ، بحذف التاء ، واستاع يستيع بحذف الطاء ، استثقلوا اجتماعهما من مخرج واحد . فأما اسطاع يسطيع ، فهي من أطاع يطيع ، جعلوا السين عوضاً من ذهاب حركة العين . ثم { قال } ذو القرنين { هذا } الذي يسهل فعله من الردم بين الجبلين نعمة { من ربي } عليكم { فإذا جاء وعد ربي } لاهلاكه عند اشراط الساعة { جعله دكاء } أي مدكوكاً مستوياً بالارض ، من قولهم : ناقة دكاء ، لا سنام لها ، بل هي مستوية السنام . ومن قرأ " دكاً " منوناً أراد دكه دكاً ، وهو مصدر . ومن قرأ بالمد أراد جعل الجبل أرضاً دكاء منبسطة وجمعها دكاءات . وقال ابن مسعود : في حديث مرفوع إن ذلك يكون بعد قتل عيسى الدجال . وقيل إن هذا السد وراء بحر الروم بين جبلين هناك يلي مؤخرهما البحر المحيط . وقيل : إنه وراء در بند ، وبحر خزران من ناحية ( أرمينية وآذربيجان ) يمضي اليه . وقيل : ان مقدار ارتفاع السد مئتي ذرع وإنه من حديد يشبه الصمت وعرض الحائط نحو من خمسين ذراعاً . وقوله { وكان وعد ربي حقاً } معناه ما وعد الله بأنه يفعله ، لا بد من كونه ، فانه حق لا يجوز ان يخلف وعده وروي ان رجلا جاء الى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : اني رأيت سد يأجوج ومأجوج ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) فكيف رأيته قال رأيته كأنه رداء محبر ، فقال له رسول لله ( صلى الله عليه وسلم ) قد رأيته .