Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 11-15)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
حكى الله تعالى ان زكريا { خرج على قومه من المحراب } وهو الموضع الذي يتوجه اليه للصلاة . وقال ابن زيد محرابه مصلاه . والاصل فيه مجلس الاشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله { فأوحى إليهم } قيل : معناه اشار الهيم وأومأ بيده يقال : أوحى يوحي ايحاء ووحى يحي ويحا مثل أومى يومي ايماء ، وومى يمي ومياً . والايحاء إلقاء المعنى الى النفس في خفى بسرعة من الأمر . واصله السرعة من قولهم : الوحي الوحا أي الأسراع . وقيل : كتب لهم على الارض ، والوحي الكتابة . وقوله { أن سبحوا بَكرة وعشياً } أي اوحى اليهم بأن سبحوا ، ومعناه صلوا بكرة وعشيا - في قول الحسن وقتادة - وقيل للصلاة تسبيح ، لما فيها من الدعاء والتسبيح ، ويقال : فرغت من سبحتي أي صلاتي . وقوله { يا يحيى خذ الكتاب } يعني التوارة التي انزلتها على موسى { بقوة } أي بجدّ { وآتيناه الحكم صبيا } معناه أعطيناه الفهم لكتاب الله حتى حصل له عظيم الفائدة . وروي عن معمر : أن الصبيان ، قالوا ليحيى أذهب بنا نلعب ، فقال ما للعب خلقت . فانزل الله { وآتيناه الحكم صبياً } . وقوله { وحناناً من لدنا } معناه وآتيناه رحمة من عندنا - فى قول ابن عباس وقتادة والحسن - وقال الفراء : فعلنا ذلك رحمة لابويه " وزكوة " أي وصلاحاً . وقال الضحاك رحمة منا لا يملك إعطاء ها احد غيرنا . وقال مجاهد : معناه تعطفاً . وقال عكرمة : معناه محبة . واصل الحنان الرحمة ، يقال : حنانك وحنانيك قال أمروء القيس : @ ويمنعها بنو شمجى بن جرم معيزهم حنانك ذا الحنان @@ وقال الآخر : @ فقالت حنان ما أتى بك ها هنا أذو نسب ام انت بالحي عارف @@ أي امرنا حنان ، وتحنن علينا تحنناً أي تعطف قال الشاعر : @ تحنن عليّ هداك المليك فان لكل مقام مقالا @@ وحننت عليه أحن حنينا ، وحناناً ، وحنت على الرجل إمراته . وقال ابو عبيدة معمر ابن المثنى أكثر ما يستعمل بلفظة التثنية ، قال طرفة : @ أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض @@ وقوله " وزكاة " أى وعملا صالحاً زكياً - في قول قتادة والضحاك وابن جريج - وقال الحسن معناه : وزكاة لمن قبل عنه حتى يكونوا أزكياء . وقال الجبائي : معناه آتيناه تحننا على العباد ورقة قلب عليهم ليحرص على دعائهم الى طاعة ربهم " وزكاة " اى إنا زكيناه بحسن الثناء عليه ، كما يزكي الشهود الانسان { وكان تقياً } أى يتقي معاصي الله وترك طاعته { وبراً بوالديه } اى كان باراً محسناً الى والديه ، { ولم يكن جباراً } متكبراً { عصياً } فعيل بمعنى فاعل ، ثم قال تعالى { وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً } في يوم القيامة ، ومعناه ان رحمة الله وسلامه اللذين هما تفضل من الله ، هما على يحيى يوم ولد ، وإن رحمة الله وسلامه اللذين هما حزاء لاعماله الصالحة ، هما عليه يوم يموت ويوم يبعث حيا ، في الآخرة . قال قوم معناه : أمان الله له وسلامه يوم ولد من عبث الشيطان له واغوائه اياه ، ويوم يموت من عذاب القبر وهول المطلع ، ويوم يبعث حيا من عذاب النار واهوال المحشر .