Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 61-65)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ جنات } فى موضع نصب بدلا من قوله " الجنة " فى قوله " يدخلون الجنة " وكان يجوز الرفع بتقدير هي جنات . والجنة البستان الذي يجنه الشجر ، فاذا لم يكن فى البستان شجر ، ويكون من خضرة ، فهو روضة ، ولا يسمى جنة . وانما قيل { جنات } على لفظ الجمع ، لان كان واحد من المؤمنين له جنة تجمعها الجنة العظمى . والعدن الاقامة يقال : عدن بالمكان يعدن عدناً اذا أقام به . والاقامة كون بالمكان على مرور الازمان . والوعد الاخبار بما يتضمن فعل الخير ، ونقيضه الوعيد ، وهو الاخبار عن فعل الشر . وقد يقال : وعدته بالشر ، ووعدته بالخير ، وأوعدته بالشر . وأوعدته لا يكون إلا فى الشر ، والمراد بالوعد - ها هنا - الموعود . ومعنى مأتيا مفعولا . ويجوز فى مثل هذا ( آتياً ) و ( مأتياً ) لأن ما أتيته ، فقد اتاك وما أتاك فقد أتيته ، كما يقال أتيت على خمسين سنة وأتت عليّ خمسون سنة . وقيل معناه إنه كقولك اتيت خير فلان وأتاني خير فلان . وقوله { بالغيب } معناه أن الجنة التي وعدهم بها ليست حاضرة عندهم بل هي غائبة . وقوله { لا يسمعون فيها لغواً } معناه لا يسمعون فى تلك الجنة القول الذي لا معنى له يستفاد ، وهو اللغو . وقد يكون اللغو الهذر من الكلام . واللغو ، واللغا بمعنى واحد قال الشاعر : @ عن اللغا ورفث التكلم @@ وقوله { إلا سلاماً } يعني لكن سلاماً وتحية من بعضهم لبعض ، قال ابو عبيدة : تقديره لا يسمعون فيها لغواً إلا انهم يسمعون سلاماً . وقال الزجاج : المعنى لا يسمعون كلاماً يؤثمهم إلا كلاماً يسلمهم ، فيكون استثناء منقطعاً . وقوله { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً } قيل معناه في مقدار اليوم من أيام الدنيا ، فذكر ( الغداة والعشي ) ليدل على المقدار ، لانه ليس في الجنة ليل ، ولا نهار . وقيل : انما ذكر ذلك ، لأن اسلم الا كلات اكلة الغداة والعشي ، فهو اسلم من الأكل دائماً أيّ وقت وجده ، أو تكون اكلته واحدة . وقوله { تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً } معناه انما نملك تلك الجنة من كان تقياً فى دار الدنيا بترك المعاصي ، وفعل الطاعات . وانما قال { نورث } مع انه ليس بتمليك نقل من غيرهم اليهم ، لأنه مشبه بالميراث من جهة أنه تمليك بحال استؤنفت عن حال قد انقضت من أمر الدنيا ، كما ينقضي حال الميت من أمر الدنيا . وقيل : انه أورثهم من الجنة المساكن التي كانت لأهل النار لو أطاعوا . وقوله { وما نتنزل إلا بأمر ربك } قيل في معناه أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) استبطأ جبرائيل ( ع ) فقال " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا " فاتاه بهذا الجواب وحياً من الله بأنا لانتنزل إلا بأمر الله ، وهو قول ابن عباس والربيع وقتادة والضحاك ومجاهد وابراهيم . وقوله { له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك } قال ابن عباس والربيع وقتادة والضحاك وأبو العالية : له ما بين أيدينا : الدنيا ، وما خلفنا : الآخرة ، وما بين ذلك : ما بين النفختين . وقوله { وما كان ربك نسياً } أي ليس الله تعالى ممن ينسى ويخرج عن كونه عالماً ، لانه عالم لنفسه ، وتقديره - ها هنا - وما نسيك وإن أخر الوحي عنك . وقوله { رب السماوات والأرض } معناه إن الله تعالى هو المالك المتصرف فى السموات والارض ، ليس لأحد منعه منه { وما بينهما } يعني وله ما بين السموات والارض . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { فاعبده } وحده لا شريك له { واصطبر لعبادته } أي اصبر على تحمل مشقة عبادته ، وقال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { هل تعلم له سمياً } أي مثلا وشبهاً . وهو قول ابن عباس ومجاهد وابن جريج . وقيل المعنى انه لا يستحق احد ان يسمى إلهاً إلا هو . ومن أدغم اللام فى التاء ، فلان مخرج اللام قريب من مخرج التاء . وقال ابو علي : ادغام اللام في الطاء والدال والتاء والصاد والزاي والسين جائز لقرب مخرج بعضها من بعض .