Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 137-137)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : اخبر الله تعالى ان هؤلاء الكفار متى آمنوا على حد ما آمن المؤمنون به ، فقد اهتدوا إلى طريق الجنة . والباء في قوله { بمثل ما آمنتم } يحتمل ثلاثة اشياء : اولها ان تكون زائدة والتقدير ، فان آمنوا مثل الذي امنتم أي مثل ايمانكم كما قال : " كفى بالله " والمعنى كفى الله . قال الشاعر : @ كفى الشيب والاسلام للمرء ناهياً @@ والثاني ان يكون المعنى بمثل هذا ولا تكون زائدة . كأنه قال : فان آمنوا على مثل ايمانكم ، كما تقول : كتبت على مثل ما كتبت ، وبمثل ما كتبت كأنك تجعل المثال آلة يتوصل به إلى العمل ، وهذا أجود من الاول . والثالث أن تلغى مثل ، كما ألغيت الكاف في قوله : { فجعلهم كعصف مأكول } وهذا أضعف الوجوه لانه اذا أمكن حمل كلام الله على فائدة ، فلا يجوز حمله على الزيادة ، وزيادة الاسم أضعف من زيادة الحرف ، كزيادة ما ولا وما أشبه ذلك . وروي عن ابن عباس انه قال : لا تقولوا { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به } فانه ليس الله مثل ولكن قولوا { فإن آمنوا بالذي آمنتم به } وهذه رواية شاذة مخالفة لما أجمع عليه القراء ، ومتى صحت فالوجه فيها أن يكون أراد أن يفسر المعنى فكانه قال : لا تتأولوه على الجعل لله عز وجل مثلا فانه شرك ، لكن تأولوه على ما يصح تأويله من غير تمثيل للمعبود تعالى . وقال ابن عباس : ان الايمان هو العروة الوثقى وانه لا يقبل عملا إلا به ، ولا تحرم الجنة إلا على تركه . وقوله تعالى : { وإن تولوا } معناه ان اعرضوا عن الايمان وجحدوه ولم يعترفوا به { فإنما هم في شقاق } معناه انهم في مفارقة . في قول قتادة والربيع ، وقال ابن زيد الشقاق هو المنازعة والمجادلة . قال الحسن : معناه التعادي وأصل الشقاق يحتمل ان يكون مأخوذاً من الشق ، لانه صار في شق غير شق صاحبه ، للعداوة المباينة ، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من المشقة لانه يحرص على ما يشق على صاحبه ، ويؤذيه . وفي الآية دلالة على نبوة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، لان الله تعالى وعده ان يكفيه من يعاديه من اليهود والنصارى الذين شاقوه بقوله : { فسيكفيكهم الله } فكان الامر على ما وعد به . اللغة : والكفاية والوقاية والسلامة نظائر تقول كفى يكفي كفاية : اذا قام بالامر واكتفى اكتفاء ، واستكفى استكفاء ، وتكفى تكفياً ، وكفاك هذا الامر أي حسبك ورأيت رجلا كافيك من رجل أي كفاك به رجلا . وأصل الباب الكفاية ، وهو بلوغ الغاية يقال يكفي ويجزي ويغني بمعنى واحد .