Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 37-44)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمان آيات بلا خلاف . إلا أن في تفصيلها خلافاً لا نطول بذكره . لما أخبر الله تعالى موسى بأنه قد آتاه ما طلبه واعطاه سؤله ، عدد ما تقدم ذلك من نعمه عليه ومننه لديه . فقال { ولقد مننا عليك مرة أخرى } والمنّ نعمة يقطع صاحبها بها عن غيره باختصاصها به . يقال : منّ عليه يمن مناً إذا انعم عليه نعمة يقطعه إياها . واصله القطع ، ومنه قوله { لهم أجر غير ممنون } اي غير مقطوع . وحبل منين : أي منقطع . والمرة الكرة الواحدة من المر ، وذلك ان نعمة الله ( عز وجل ) عليه مستمرة ، فذكره الاجابة مرة وقبلها مرة أخرى . وقوله { إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى } أي كانت هذه النعمة عليك حين أوحينا الى أمك ما يوحى ، قال قوم : اراد انه ألهمها ذلك . وقال الجبائي : رأت فى المنام أن اقذفيه في التابوت ، ثم اقذفيه في اليم ، والقذف هو الطرح ، واليم البحر قال الراجز : @ كنازح اليم سقاه اليم @@ وقيل : المراد به ها هنا النيل . وقوله { فليلقه اليم بالساحل } جزاء وخبر أخرج مخرج الامر ومثله { اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم } والتقدير فاطرحيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل . وقوله { يأخذه عدوّ لي وعدوّ له } يعني فرعون . وكان عدوّ الله بكفره وحدانيته وادعائه الربوبية ، وكان عدو موسى ، لتصوره أن ملكه ينقرض على يده . وقوله { وألقيت عليك محبة مني } معناه إني جعلت من رآك احبك حتى احبك فرعون ، فسلمت من شره ، واحبتك امرأته آسية بنت مزاحم فتبنتك . وقوله { ولتصنع على عيني } قال قتادة : معناه لتغذى على محبتي وارادتي ، وتقديره وأنا اراك ، يجري امرك على ما اريد بك من الرفاهة في غذائك ، كما يقول القائل لغيره : أنت مني بمرءاً ومستمع أى انا مراع لاحوالك . وقوله { إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله } قيل ان موسى امتنع أن يقبل ثدي مرضعة الاثدي امه لما دلتهم عليها أخته ، فلذلك قال { فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن } . وقوله { وقتلت نفساً فنجيناك من الغم } وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن قتله النفس كان خطأ . وقال جماعة من المعتزلة : انه كان صغيرة . وقال اصحابنا : انه كان ترك مندوب اليه ، لان الله تعالى قد كان حكم بقتله لكن ندبه الى تأخير قتله الى مدة غير ذلك ، وانما نجاه من الفكر فى قتله ، كيف لم يؤخره الى الوقت الذى ندبه اليه . وقال قوم : أراد نجيناك من القتل لانهم طلبوه ليقتلوه بالقبطي . وقوله { وفتناك فتوناً } أى اختبرناك اختباراً . والمعنى انا عاملناك معاملة المختبر حتى خلصت للاصطفاء بالرسالة ، فكل هذا من اكبر نعمه . وقيل : الفتون وقوعه فى محنة بعد محنة حتى خلصه الله منها : اولها - أن امه حملته فى السنة التي كان فرعون بذبح فيها الاطفال ، ثم القاؤه في اليم ، ثم منعه من الرضاع إلا من ثدي أمه ، ثم جره لحية فرعون حتى هم بقتله ، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة ، فدرأ الله بذلك عنه قتل فرعون ، ثم مجيء رجل من شيعته يسعى ليخبره بما عزموا عليه من قتلة . وذلك عن ابن عباس فالمعنى على هذا وخلصناك من المحن تخليصاً . وقيل : معناه اخلصناك إخلاصاً . ذكره مجاهد . وقوله { فلبثت سنين في أهل مدين } يعني اقمت سنين عند شعيب ، يعني احوالا اجيراً له ترعى غنمه ، فمننا عليك وجعلناك نبياً حتى { جئت على قدر } أي فى الوقت الذي قدر لارسالك ، قال الشاعر : @ نال الخلافة إذ كانت له قدراً كما اتى ربه موسى على قدر @@ وقال الجبائي معنى { وفتناك فتوناً } أي شددنا عليك التعب فى أمر المعاش حتى رعيت لشعيب عشر سنين ، ويؤكده قوله { فلبثت سنين في أهل مدين } وهي مدينة شعيب { ثم جئت على قدر يا موسى } وقوله { واصطنعتك } أي اصطفيتك واخلصتك بالالطاف التي فعلتها بك ، اخترت عندها الاخلاص لعبادتي . وقوله { لنفسي } أي لتنصرف على ارادتي ومحبتي يقال : اصطنعه يصطنعه اصطناعاً ، وهو ( افتعال ) من لصنع ، والصنع اتخاذ الخير لصاحبه . ووجه قوله { لنفسي } يعني محبتي ، لان المحبة لما كانت أخص شيء بالنفس حسن أن يجعل ما اختص بها مختصاً بالنفس على هذا الوجه . وقوله { اذهب أنت وأخوك بآياتي } أي بعلاماتي وحججي { ولا تنيا } أي لا تفترا ، يقال : ونى في الامر يني ونياً إذا فتر فيه ، فهو وان ومتوان . وقيل : معناه لا تضعفا قال العجاج : @ فما ونى محمد مذ أن غفر له إلا له ما مضى وما غبر @@ وقوله { في ذكري . اذهبا إلى فرعون إنه طغى } أي عتا وخرج عن الحد فى المعاصي { فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى } معناه ادعواه الى الله والى الايمان به وبما جئتما به ، على الرجاء والطمع ، لا على اليأس من فلاحه . فوقع التعبد لهما على هذا الوجه ، لأنه أبلغ فى دعائه الى الحق ، بالحرص الذي يكون من الراجي للامر . وقال السدي : معنى قوله { فقولا له قولا لينا } أي كنياه . وقيل : انه كانت كنية فرعون ابا الوليد . وقيل : أبا مرة . قيل : معناه وقّراه وقارباه . وقوله { لعله يتذكر } معناه ليتذكر { أو يخشى } معناه أو يخاف . والمعنى انه يكون أحدهما إما التذكر أو الخشية . وقيل المعنى على رجائكما او طمعكما ، لانهما لا يعلمان هل يتذكر أو لا . و { لعل } للترجي إلا أنه يكون لترجي المخاطب تارة ولترجي المخاطب أخرى