Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 61-66)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ { فيسحتكم } - بضم الياء وكسر الحاء - أهل الكوفة إلا أبا بكر . الباقون بفتح الياء والحاء . وهما لغتان . يقال : سحت وأسحت إذا استأصل . وقرأ ابو عمرو { إن هذين } بتشديد { إن } ونصب { هذين } . وقرأ نافع وحمزة والكسائي وابو بكر عن عاصم - بتشديد { إن } والالف في { هذان } . وقرأ ابن كثير { إن } مخففة { هذان } مشددة النون . وقرأ ابن عامر بتخفيف نون { إن } وتخفيف نون { هذان } . وقرأ ابو عمرو وحده { فأجمعوا } بهمزة الوصل . الباقون بقطع الهمزة من اجمعت الأمر إذا عزمت عليه ، قال الشاعر : @ يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل اغدون يوما وأمري مجمع @@ وقيل : إن جمعت وأجمعت لغتان فى العزم على الأمر يقال : جمعت الأمر ، واجمعت عليه ، بمعنى ازمعت عليه وفى الكلام حذف ، لان تقديره انهم حضروا واجتمعوا يوم الزينة ، فقال لهم حينئذ موسى يعني للسحرة الذين جاؤا بسحرهم { لا تفتروا على الله } اي لا تكذبوا عليه كذبا بتكذيبي ، وتقولوا إن ما جئت به السحر . والافتراء اقتطاع الخبر الباطل بادخاله في جملة الحق وأصله القطع من فراه يفريه فرياً . وافترى افتراء ، والافتراء والافتعال والاختلاق واحد وقوله { فيسحتكم بعذاب } قال قتادة وابن زيد والسدي معناه فيستأصلكم بعذاب . والسحت استقصاء الشعر في الحلق : سحته سحتاً واسحته اسحاتاً لغتان ، قال الفرزدق : @ وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتاً أو مجلف @@ وينشد ( مسحت ) بالرفع على معنى لم يدع أي لم يبق . ومن نصب قال أو مجلف ، كذلك روي مسحتاً ومجلف . وسئل الفرزدق على ما رفعت إلا مسحتاً أو مجلف . فقال للسائل على ما يسؤك وينؤك . ويقال : سحت شعره إذا استقصى حلقه . والمعنى إن العذاب إذا أتى من قبل الله أخذهم واهلكهم عن آخرهم . وقوله { وقد خاب من افترى } أي انقطع رجاء من افترى الكذب . والخيبة الامتناع على الطالب ما أمّل ، والخيبة انقطاع الرجاء يقال : رجع بخيبة ، وهو إذا رجع بغير قضاء حاجته . واشد ما يكون إذا أمل خيراً من جهة ، فانقلب شراً منها . وقوله { فتنازعوا أمرهم } معناه اختلفوا فيما بينهم . والتنازع محاولة كل واحد من المختلفين نزع المعنى عن صاحبه ، تنازعا في الامر تنازعاً ، ونازعه منازعة . وقوله { وأسروا النجوى } أي اخفوها فيما بينهم . قال قتادة : انهم قالوا : إن كان هذا ساحراً فسنغلبه ، وإن كان من السماء ، فله أمره . وقال : وهب بن منية : لما قال لهم { ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى } قالوا : ما هذا بقول ساحر . وقيل : اسرارهم كان أنهم قالوا : ان غلبنا موسى اتبعناه . وقيل أسروا النجوى دون موسى وهارون بقوله { إن هذين لساحران … } الآية . وهو قول السدي . وقوله { إن هذان لساحران } قيل فيه أوجه : اولها - إنه ضعف عمل { إن } لأنها تعمل وليست فعلا لشبهها بالفعل ، وليست باصل في العمل ، كما انها لما خففت لم تعمل أصلا . والثاني - { إن هذان } أشبه { الذين } فى البناء ، لأن أصله الذي فزادوا نوناً للجمع ، وتركوه على حالة واحدة في النصب والجر والرفع . فكذلك كان أصله { هذا } فيه ألف مجهولة فزادوا نوناً للتثنية وتركوها على حالة واحدة فى الاحوال الثلاثة . والثالث - إن ( ان ) بمعنى ( إنه ) إلا انها حذفت الهاء . والرابع - انه لما حذفت الألف من { هذا } ) صارت ألف التثنية عوضاً منها ، فلم تزل على حالها . وهي لغة بني الحارث بن كعب ، وخثعم ، وزبيد ، وجماعة من قبائل اليمن . وقال بعض بني الحارث بن كعب : @ واطرق اطراق الشجاع ولو يرى مساغاً لناباه الشجاع لصمما @@ وقال آخر : @ إن اباها وابا اباها قد بلغا فى المجد غايتاها @@ وقال آخر : @ تزود منا بين اذناه ضربة دعته الى هابي التراب عقيم @@ الخامس - وقال المبرد واسماعيل بن اسحاق القاضي : أحسن ما قيل في ذلك ان ( ان ) تكون بمعنى نعم ويكون تقديره نعم هذان لساحران ، فيكون ابتداء وخبراً قال الشاعر : @ ظل العواذل بالضحى يلحينني والومهنه ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت انه @@ ووجه قراءة حفص انه جعل ( إن ) بمعنى ( ما ) وتقديره : ما هذان ساحران . وروي ان ابن مسعود قرأ { إن هذان ساحران } بغير لام . وقرأ ابي { إن هذان إلا ساحران } . ومن جعل ( ان ) بمعنى ( نعم ) جعل حجته فى دخول اللام في الخبر قول الشاعر : @ خالي لانت ومن جرير خاله ينل العلا وتكرم الاخوال @@ وقال آخر : @ ام الحليس لعجوز شهربة ترضى من اللحم بعظم الرقبة @@ هذه الآية حكاية عن قول فرعون أنه قال لهم { إن هذين } يعني موسى وهارون { لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى } قال مجاهد : معناه يذهبا بطريقة اولى العقل والاشراف والانساب . وقال ابو صالح : ويذهبا بسراة الناس . وقال قتادة : ويذهبا ببني اسرائيل ، وكانوا عدداً يسيراً . وقال ابن زيد : معناه ويذهبا بالطريقة التى أنتم عليها في السيرة [ وقيل : المعنى يذهبان بأهل طريقتكم المثلى . والامثل الاشبه بالحق الثابت ، والصواب الظاهر . وهو الاولى به ] . وقال لهم فرعون ايضاً { فاجمعوا كيدكم } فمن قطع الهمزة أراد فاعزموا على أمركم وكيدكم وسحركم . وقيل : جمع وأجمع لغتان في العزم على الشيء يقال : جمعت الأمر وأجمعت عليه . { ثم ائتوا صفاً } ومعناه مصطفين . وقال الزجاج : هو كقولهم : أتيت الصف أي الجماعة . ولم يجمع ( صفاً ) لانه مصدر . وقال قوم : إن هذا من قول فرعون للسحرة . وقال آخرون : بل هو من قول بعض السحرة لبعض . وقوله { وقد أفلح اليوم من استعلى } معناه قد فاز اليوم من علا على صاحبه بالغلبة . و { قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من القى } حكاية عما قالت السحرة لموسى فانهم خيّروه في الالقاء بين أن يلقوا أولا ما معهم أو يلقي موسى عصاه ، ثم يلقون ما معهم ، فقال لهم { بل ألقوا } أنتم ما معكم { فإذا حبالهم وعصيّهم } أي القوا ما معهم ، فاذا حبالهم وعصيّهم . وحبال جمع حبل ، وعصي جمع عصا ، ويجع الحبل حبلاً والعصى أعصيا ويثنى عصوان . وانما أمرهم بالالقاء ، وهو كفر منهم ، لانه ليس بأمر ، وانما هو تهديد . ومعناه الخبر ، بان من كان إلقاؤه منكم حجة عنده ابتدأ بالالقاء ، ذكره الجبائي . وقال قوم : يجوز أن يكون ذلك أمراً على الحقيقة أمرهم بالالقاء على وجه الاعتبار ، لا على وجه الكفر . وقيل كان عدّة السحرة سبعين ألفاً - في قول القاسم بن ابي برّة وقال ابن جريج : كانوا تسعمائة . وقوله { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى } وانما قال يخيل ، لأنها لم تكن تسعى حقيقة ، وانما تحركت ، لأنه قيل إنه كان جعل داخلها زئبق ، فلما حميت بالشمس طلب الزئبق الصعود ، فتحركت العصي والحبال ، فظن موسى أنها تسعى . وقوله { يخيل إليه } قيل الى فرعون . وقيل الى موسى . وهو الأظهر . لقوله { فأوجس في نفسه خيفة موسى } وانما خاف دخول الشبهة على قومه . وقيل خاف بطبع البشرية .