Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 71-75)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير وحفص وورش { آمنتم } على لفظ الخبر . وقرأ اهل الكوفة إلا حفصاً بهمزتين . الباقون بهمزة واحدة بعدها مدة . قال ابو علي : من قرأ على الخبر ، فوجهه أنه قرّعهم على تقدمهم بين يديه ، وعلى استبدارهم بما كان منهم من الايمان بغير اذنه وأمره ، والاستفهام يؤل الى هذا المعنى . ووجه قراءة أبي عمرو انه أتى بهمزة الاستفهام وهمزة الوصل ، وقلب الثانية مدة ، كراهية اجتماع الهمزتين . وقد مضى شرح ذلك فيما مضى . حكى الله تعالى ما قال فرعون للسحرة حين آمنوا بموسى وهارون { آمنتم له } أي صدقتموه واتبعتموه { قبل أن آذن لكم } وقال فى موضع آخر { آمنتم به } وقيل فى الفرق بينهما { إن آمنتم له } يفيد الاتباع ، وليس كذلك { آمنتم به } لانه قد يوقن بالخير من غير اتباع له فيما دعا اليه إلا أنه إذا قبل قول الداعي الى أمر أخذ به . ومن قرأ " آمنتم على الخبر " كأن فرعون أخبر بذلك . ومن قرأ على لفظ الاستفهام كأنه استفهم عن ايمانهم على وجه التقريع لهم . والفرق بين الاذن والأمر ، أن فى الامر دلالة على إرادة الفعل المأمور به ، وليس في الاذن دلالة على إرادة المأذون فيه ، كقوله { وإذا حللتم فاصطادوا } فهذا إذن . ثم قال فرعون { إنه } يعني موسى { لكبيركم } اي رئيسكم ومتقدمكم { الذي علمكم السحر } ثم هددهم فقال { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف } يعني قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى او اليد اليسرى والرجل اليمنى . وقيل أول من فعل ذلك فرعون ، وأول من صلب فى جذوع النخل هو ، و { في } بمعنى ( على ) قال الشاعر : @ وهم صلبوا العبدي في جذع نخلة فلا عطست شيبان إلا بأجدعا @@ وقوله { ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى } قال ابن اسحاق ومحمد بن كعب القرطي معناه : ابقى عقاباً ان عصي وثواباً ان اطيع ، ورفع " أيّنا " لانه وقع موقع الاستفهام ، ولم يعمل فيه ما قبله من العلم . وقيل انما نسبهم الى اتباع رئيسهم في السحر ليصرف بذلك الناس عن اتباع موسى ( ع ) فأجابته السحرة فقالوا { لن نؤثرك } أي لا نختارك يا فرعون { على ما جاءنا من البينات } يعني الادلة الدالة على صدق موسى وصحة نبوته . وقوله { والذي فطرنا } يعني وعلى الذي خلقنا فيكون عطفاً على { ما جاءنا من البينات } فيكون جراً ، ويحتمل أن يكون جراً بأنه قسم . وقوله { فاقض ما أنت قاض } معناه فاصنع ما انت صانع على تمام من قولهم : قضى فلان حاجتي إذا صنع ما اريد على اتمام ، قال ابو ذؤيب : @ وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع @@ وقوله { إنما تقضي هذه الحياة الدنيا } يعنى انما تصنع بسلطانك وعذابك فى هذه الحياة الدنيا دون الاخرة . وقيل : معناه ان الذي يفنى وينقضي هذه الحياة الدنيا دون حياة الآخرة . وقوله { إنا آمنا بربنا } اي صدقنا به ، نطلب بذلك أن يغفر لنا خطايانا ويغفر لنا ما اكرهتنا عليه من السحر . قال ابن زيد وابن عباس : إن فرعون رفع غلماناً الى السحرة يعلمونهم السحر بالغرائم قالوا { والله خير } لنا منكم { وأبقى } لنا ثواباً من ثوابك . ثم حكى قول السحرة انهم قالوا { إنه من يأت ربه مجرماً } وقيل انه خبر من الله تعالى بذلك دون الحكاية عن السحرة { فإن له جهنم } جزاء على جرمه وعصيانه { لا يموت فيها } يعني جهنم { ولا يحيى } اي لا يموت فيها فيستريح من العذاب ، ولا يحيى حياة فيها راحة ، بل هو معاقب بأنواع العقاب . ثم اخبر تعالى فقال { ومن يأته مؤمناً } أي مصدقا بتوحيده وصدق أنبيائه و { قد عمل } الطاعات التى أمره بها { فأولئك لهم الدرجات العلى } أي العاليه والعلى جمع عليا مثل ظلمة وظلم والكبرى والكبر .