Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 76-80)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة وحده { لا تخف دركاً } على النهي ، أو على الجزاء لقوله { فاضرب لهم طريقاً } الباقون { لا تخاف } بالرفع { ولا تخشى } بألف بلا خلاف على الاستئناف . ومثله قوله { يولوكم الادبار ثم لا ينصرون } . وقيل انه يحتمل ان يكون { لا تخش } مجزوماً ، وزيد الالف ليوافق رؤس الآي كما ، قال الشاعر : @ الم يأتيك والأبناء تنمي بما لاقت لبون بني زياد @@ ومن قرأ { لا تخاف } بالرفع ، و { لا تخشى } مثله ، فهو على الخبر . وقال ابو علي : هو في موضع نصب على الحال ، وتقديره طريقاً في البحر يبساً غير خائف دركاً . وقرأ حمزة والكسائي { أنجيتكم ، ووعدتكم } بالتاء فيهما بغير الف . الباقون بالالف والنون . وقرأ ابو عمرو وحده { ووعدناكم } بغير الف . الباقون { وواعدناكم } بالف . ولم يختلفوا فى { نزلنا } انه بالنون . ومعنى التاء والنون قريب بعضه من بعض ، لكن النون لعظم حال المتكلم . لما اخبر الله تعالى ان لمن آمن بالله الدرجات العلى ، قال ولهم { جنات عدن } اي بساتين إقامة { تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } وقد فسرناه في غير موضع . ثم قال { وذلك } الذي وصفه { جزاء من تزكى } فالتزكي طلب الزكا بارادة الطاعة ، والعمل بها . والزكا النماء فى الخبر ، ومنه الزكاة ، لان الميل ينمو بها فى العاجل والاجل ، لما لصاحبها عليها من ثواب الله تعالى . وقيل : معنى { تزكى } تطهر من الذنوب بالطاعة بدلا من تدنيسها بالمعصية . والخلود المكث فى الشيء الى غير غاية . ثم أخبر تعالى فقال { ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي } أي سر بهم ليلا لأن الاسراء السير بالليل { فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً } والمعنى : اضرب بعصاك البحر تجعل طريقاً ، فكأنه قيل : اجعل طريقاً بالضرب بالعصا ، فعداه الى الطريق لما دخله هذا المعنى فكأنه قد ضرب الطريق ، كضربه الدينار . واليبس اليابس وجمعه ايباس ، وجمع اليبس - بسكون الباء - يبوس . وقال ابو عبيدة : اليبس - بفتح الباء - المكان الجاف . واذا كان اليبس فى نبات الارض فهو اليبس - بسكون الباء - قال علقمة بن عبده : @ تخشخش أبدان الحديد عليهم كما خشخشت يبس الحصاد جنوب @@ وقوله { لا تخاف دركا ولا تخشى } معناه لا تخف أن يدركك فرعون ، ولا تخش الغرق من البحر - في قول ابن عباس وقتادة - وقيل : معناه لا تخف لحوقاً من عدوك ، ولا تخش الغرق من البحر الذي انفرج عنك . والمعنيان متقاربان . وكان سبب ذلك أن اصحاب موسى قالوا له : هذا فرعون قد لحقنا ، وهذا البحر قد غشينا يعنون اليم ، فقال الله تعالى { لا تخف دركا ولا تخش } . ثم اخبر تعالى فقال { فأتبعهم فرعون بجنوده } أي دخل خلف موسى وبني إسرائيل ، وفى الكلام حذف لأن تقديره : فدخل موسى وقومه البحر ثم أتبعهم فرعون بجنوده ومن اتبعهم . فمن قطع الهمزة جعل الباء زائدة . ومن وصلها أراد : تبعهم وسار في أثرهم ، والباء للتعدية . وقوله { فغشيهم من اليم ما غشيهم } يعني الذي غشيهم . وقيل : معناه تعظيم للامر لأن { غشيهم } قد دل على { ما غشيهم } وإنما ذكره تعظيماً . وقيل : ذكره تأكيداً . وقال قوم : معناه فغشيهم الذي عرفتموه . كما قال ابو النجم : @ أنا ابو النجم وشعري شعري @@ وقال الزجاج : فغشيهم من اليم ما غرقهم . وقال الفراء : معناه { فغشيهم من اليم ما غشيهم } لأنه ليس الماء كله غشيهم ، وانما غشيهم بعضه . وقال قوم : معناه { فغشيم } يعني أصحاب فرعون { من اليم } ما غشي قوم موسى إلا أن الله غرق هؤلاء ، ونجا أولئك . ويجوز أن يكون المراد : فغشيهم من قبل اليم الذي غشيهم من الموت والهلاك ، فكأنه قال : الذي غشيهم من الموت والهلاك كان من قبل البحر إذ غشيهم ، فيكون { غشيهم } الاول للبحر ، و { غشيهم } الثاني للهلاك والموت . وقوله { وأضل فرعون قومه وما هدى } معناه أنه دعاهم الى الضلال واغواهم ، فضلوا عنده ، فنسب اليه الضلال . وقيل : إن معناه أستمر بهم على الضلالة فلذلك قيل { وما هدى } . ثم عدد الله على بني إسرائيل نعمه ، بأن قال { يا بني اسرائيل قد أنجيناكم } أي خلصناكم { من عدوكم } فرعون { وواعدناكم جانب الطور الأيمن } معناه إن الله واعدكم جانب الجبل الذي هو الطور ، لتسمعوا كلام الله لموسى بحضرتكم هناك { ونزلنا عليكم المن والسلوى } يعني في زمان التيه أنزل عليهم المن ، وهو الذي يقع على بعض الاشجار ، والسلوى طائر أكبر من السمان .