Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 86-90)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر { بملكنا } بكسر الميم - وقرأ نافع وعاصم - بفتح الميم - وقرأ حمزة والكسائي - بضم الميم - من ضم الميم فمعناه بسلطاننا وقيل إن في ذلك ثلاث لغات : فتح الميم وضمها وكسرها . وقرأ ابو عمرو ، وحمزة وأبو بكر { حملنا } - بفتح الحاء والميم - مخففاً . الباقون - بضم الحاء وكسر الميم - مشدداً . اخبر الله تعالى أن موسى رجع من ميقات ربه { إلى قومه غضبان أسفاً } والغضب ضد الرضا ، وهو ما يدعو الى فعل العقاب ، والأسف أشد الغضب . وقال ابن عباس : معنى " أسفاً " اي حزيناً . وبه قال قتادة والسدي . والأسف أشد الغضب . وقال بعضهم : قد يكون بمعنى الغضب ، ويكون بمعنى الحزن . قال الله تعالى { فلما أسفونا انتقمنا منهم } أي أغضبونا ، فقال موسى لقومه { يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً } لأن الله تعالى كان وعد موسى بالنجاة من عدوهم ، ومجيئهم الى جانب الطور الأيمن ، ووعده بأنه تعالى { غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم أهتدى } ثم قال { أفطال عليكم العهد } أي عهدى ولقائي فنسيتموه { أم أردتم أن يحل عليكم } اي يجب عليكم { غضب } اي عقاب { من ربكم فأخلفتم موعدي } أي ما وعدتموني من المقام على الطاعات . وقال الحسن : معنى { ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً } فى الآخرة على التمسك بدينه في الدنيا . وقيل الذي وعدهم الله به التوراة ، وفيها النور والهدى ليعملوا بما فيها ، ويستحقوا عليه الثواب . وكانوا وعدوه أن يقيموا على أمرهم ، فأخلفوا ، وقالوا جواباً لموسى { ما أخلفنا موعدك بملكنا } أي قال المؤمنون : لم نملك أن نرد عن ذلك السفهاء . قال قتادة والسدي : معنى " بملكنا " بطاقتنا . وقال ابن زيد : معناه لم نملك أنفسنا للبلية التي وقعت بنا . فمن فتح الميم : أراد المصدر . ومن كسرها أراد : ما يتملك . ومن ضم أراد : السلطان والقوة به . وقوله { ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم } معناه إنا حملنا أثقالا من حلي آل فرعون ، وذلك أن موسى أمرهم ان يستعيروا من حليهم - في قول ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد - وقيل : جعلت حلالا لهم . ومن قرأ بالتشديد أراد ان غيرنا حملنا ذلك بأن أمرنا بحمله . وقوله { فقذفناها } أي طرحنا تلك الحلي ، ومثل ذلك { ألقى السامري } ما كان معه من الحلي . وقيل { أوزاراً } أي اثقالا من حلي آل فرعون ، لما قذفهم البحر أخذوها منهم . ثم اخبر تعالى فقال : إن السامري أخرج لقوم موسى عجلا جسداً له خوار ، فقيل ان ذلك العجل كان في صورة ثور صاغها من الحلي التي كانت معهم ، ثم ألقى عليها من أثر جبرائيل شيئاً ، فانقلب حيواناً يخور - ذكره الحسن وقتادة والسدي - و { الخور } الصوت الشديد كصوت البقرة . وقال مجاهد : كان خواره بالريح إذا دخلت فى جوفه . وأجاز قوم الأول ، وقالوا : إن ذلك معجزة تجوز فى زمن الأنبياء . وقول مجاهد أقوى ، لأن إظهار المعجزات لا يجوز على أيدي المبطلين ، وإن كان في زمن الأنبياء . وقال الجبائي : انما صوره على صورة العجل وجعل فيه خروقاً إذا دخله الريح أو هم انه يخور . وقيل : انه خار دفعة واحدة { فقالوا هذا إلهكم وإله موسى } يعني قال ذلك السامري ومن تابعه ان هذا العجل معبودكم ومعبود موسى ، " فنسي " أي نسي موسى أنه إلهه ، وهو قول السامري - في قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي وابن زيد والضحاك - وقال ابن عباس في رواية أخرى : معناه ، فنسى السامري ما كان عليه من الايمان ، لأنه نافق لما عبر البحر . ومعناه ترك ما كان عليه . وقال قوم : معناه " فنسي " موسى أنه أراد هذا العجل ، فنسي وترك الطريق الذي يصل منه اليه ، ويكون حكاية قول السامري . ثم قال تعالى تنبيهاً لهم على خطئهم { أفلا يرون } أي أفلا يعلمون أنه { لا يرجع إليهم قولاً } أي لا يجيبهم إذا خاطبوه ، ولا يقدر لهم على ضر ولا نفع . ثم اخبر ان هارون قال لهم قبل ذلك { يا قوم إنما فتنتم به } أي ابتليتم واختبرتم به { وإن ربكم الرحمن } اي الذين يستحق العبادة عليكم هو الرحمن الذي أنعم عليكم بضروب النعم { فاتبعوني } فيما أقول لكم { وأطيعوا أمري } فيما آمركم به .