Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 36-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) إنه { إذا رآك الذين كفروا } وجحدوا وحدانية الله ، ولم يقروا بنبوتك { إن يتخذونك } اي ليس يتخذونك { إلا هزواً } يعني سخرية ، جهلا منهم وسخفاً وفي ذلك تسلية لكل محق يلحقه أذى من جاهل مبطل . والهزؤ إظهار خلاف الابطان ، لايهام النقص عن فهم القصد . يقال : هزئ منه يهزؤ هزؤاً ، فهو هازئ ، ومثله السخرية { أهذا الذي يذكر آلهتكم } حكاية ، أي يقولون ذلك ، ومعناه إنهم يعيبون من جحد إلهية من لا نعمة له ، وهم يجحدون إلهية من كل نعمة ، فهي منه ، وهذا نهاية الجهل . والمعنى أهذا الذي يعيب آلهتكم ، تقول العرب ، فلان يذكر فلاناً أي يعيبه ، قال عنتره : @ لا تذكري مهري وما أطعمته فيكون جلدك مثل جلد الاجراب @@ وقوله { وهم بذكر الرحمن } معناه وهم بذكر توحيد الرحمن { هم كافرون } . وقوله { خلق الإنسان من عجل } قال قتادة : معناه خلق الانسان عجولا . والمراد به جنس الانسان . وقال السدي : المعني به آدم ( ع ) . وقال مجاهد : خلق الانسان على تعجيل ، قبل غروب الشمس يوم الجمعة . وقال ابو عبيدة : معناه خلقت العجلة من الانسان ، على القلب . وهو ضعيف ، لأنه لا وجه لحمله على القلب . وقال قوم : معناه على حب العجلة ، لانه لم يخلقه من نطفة ومن علقة بل خلقه دفعة واحدة . والذي قاله قتادة ، أقوى الوجوه . وقيل خلق الانسان من عجل مبالغة ، كأنه قيل هو عجلة ، كما يقال : انما هو إقبال وادبار . وقال المبرد : خلق على صفة من شأنه ان يعجل فى الامور . وقال الحسن : معناه خلق الانسان من ضعف ، وهو النطفة . وقال قوم : العجل هو الطين الذي خلق آدم منه ، قال الشاعر : @ والنبع ينبت بين الصخر ضاحيه والنخل ينبت بين الماء والعجل @@ يعني الطين . والاستعجال طلب الشيء قبل وقته الذي حقه أن يكون فيه دون غيره . والعجول الكثير الطلب للشيء قبل وقته . والعجلة تقديم الشيء قبل وقته ، وهو مذموم . والسرعة تقديم الشيء فى أقرب أوقاته ، وهو محمود . وقوله { سأوريكم آياتي فلا تستعجلون } أي سأظهر بيناتي وعلاماتي ، فلا تطلبوه قبل وقته . ثم أخبر تعالى عن الكفار أنهم { يقولون متى هذا الوعد } يريدون ما توعّد الله به من الجزاء والعقاب على المعاصي بالنيران وانواع العذاب { إن كنتم صادقين } يعني يقولون { إن كنتم صادقين } ومحقين فيما تقولون متى يكون ما وعدتموه ، فقال الله تعالى { لو يعلم الذين كفروا } الوقت الذي { لا يكفون فيه } أي لا يمنعون فيه { عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم } يعني إن النار تحيط بهم من جميع وجوههم { ولا هم ينصرون } أي لا يدفع عنهم العذاب بوجه من الوجوه . وجواب ( لو ) محذوف ، وتقديره : لعلموا صدق ما وعدوا به من الساعة . ثم قال { بل تأتيهم } يعني الساعة ، والقيامة { بغتة } أي فجأة { فتبهتهم } أي تحيرهم والمبهوت المتحير { فلا يستطيعون ردها } ومعناه : لا يقدرون على دفعها { ولا هم ينظرون } أي لا يؤخرون الى وقت آخر . وقال البلخي : ويجوز أن تكون العجلة من فعل الله وهو ما طبع الله عليه الخلق من طلب سرعة الاشياء . وهو كما خلقهم يشتهون أشياء ويميلون اليها ، ويحسن أمرهم بالتأني عنها ، والتوقف عند ذلك ، فلأجل ذلك قال { فلا تستعجلون } كما حسن نهيهم عن ارتكاب الزنا الذي تدعوهم اليه الشهوة .