Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 41-45)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن عامر { ولا تسمع } بالتاء وضمها وكسر الميم { الصم } بالنصب . الباقون - بالياء - مفتوحة ، وبفتح الميم ، وضم { الصم } . فوجه قراءة ابن عامر ، أنه وجّه الخطاب الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فكأنه قال { ولا تسمع } أنت يا محمد { الصم } كما قال { وما أنت بمسمع من في القبور } لأن الله تعالى ، لما خاطبهم ، فلم يلتفتوا إلى ما دعاهم اليه ، صاروا بمنزلة الميت الذي لا يسمع ولا يعقل . ووجه قراءة الباقين أنهم جعلوا الفعل لهم ، ويقويه قوله { إذا ما ينذرون } قال أبو علي : ولو كان على قراءة ابن عامر ، لقال : إذا ينذرون . و { الصم } وزنه ( فعل ) جمع أصم . وأصله ( أصمم ) فادغموا الميم فى الميم وتصغير ( أصم ) ( أصيمم ) . و ( الصمم ) ثقل في الأذن ، فاذا كان لا يسمع شيئاً قيل أصلج . وقال ابن زيد : ( أصم ) أصلج بالجيم . والوقر المثقل في الأذن . لما قال الله تعالى لنبيه محمد : إن الكفار اذا ما رأوك اتخذوك هزواً وسخرية علم ان ذلك يغمه فسلاه عن ذلك بأن اقسم بأن الكفار فيما سلف استهزؤا بالرسل الذين بعث الله فيهم . وسخروا منه { فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن } أي حل بهم عقوبة ما كانوا يسخرون منهم ، وحاق معناه حل ، حاق يحق حيقاً . ومنه قوله { ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله } أي يحل وبال القبيح بأهله الذين يفعلونه ، فكان كما أرادوه بالداعي لهم الى الله حل بهم . والفرق بين الهزء والسخرية ، أن فى السخرية معنى الذلة ، لأن التسخير التذليل والهزء يقتضي طلب صغر القدر مما يظهر فى القول . ثم أمر نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) بأن يقول لهؤلاء الكفار { من يكلؤكم بالليل والنهار } أي من يحفظكم من بأس الرحمن وعذابه . وقيل : من عوارض الآفات ، يقال : كلأه يكلؤه ، فهو كالئ قال ابن هرمة : @ إن سليمى والله يكلؤها ضنت بشيء ما كان يرزؤها @@ ومعنى { يكلؤكم … من الرحمن } اي من يحفظكم من أن يحل بكم عذابه وقوله { بل هم عن ذكر ربهم معرضون } معناه كأنه قال : ما يلتفتون الى شيء من الحجج والمواعظ ، بل هم عن ذكر ربهم معرضون . وقيل : من يحفظكم مما يريد الله إحلاله بكم من عقوبات الدنيا والآخرة . ثم قال على وجه التوبيخ لهم والتقريع { أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا } أي من عذابنا وعقوباتنا . ثم أخبر أنهم { لا يستطيعون نصر أنفسهم } . وقيل : ان المعنى إن آلهتهم لا يقدرون على نصر أنفسهم ، فكيف يقدرون على نصر غيرهم ؟ ! وقيل ان الكفار { لا يستطيعون نصر أنفسهم } وهو الاشبه اي لا يقدرون على دفع ما ينزل بهم عن نفوسهم { ولا هم منا يصحبون } معناه لا يصحبهم صاحب يمنعهم منا . وقيل ولا هم منا يصحبون بأن يجيرهم مجير علينا . وقال ابن عباس : معناه ولا الكفار منا يجارون ، كما يقولون : ان لك من فلان صاحباً ، أي من يجيرك ويمنعك . وقال قتادة : معناه { ولا هم منا يصحبون } بخير ثم قال تعالى { بل متعنا هؤلاء وآباءهم } فلم نعاجلهم بالعقوبة حتى طالت اعمارهم . ثم قال موبّخاً لهم { أفلا يرون } اي ألا يعلمون { أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } قيل : بخرابها . وقيل : بموت اهلها . وقيل : بموت العلماء . وقوله { أفهم الغالبون } قال قتادة : افهم الغالبون رسول الله مع ما يشاهدونه من نصر الله له في مقام بعد مقام ، توبيخاً لهم ، فكأنه قال : ما حملهم على الاعراض الا الاغترار بطول الامهال حيث لم يعاجلوا بالعقوبة . ثم قال لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) { قل } لهم { إنما أنذركم بالوحي } اي اعلمكم واخوفكم بما اوحى الله الي . ثم شبههم بالصم الذين لا يسمعون النداء اذا نودوا ، فقال { ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون } اي يخوفون ، من حيث لم ينتفعوا بدعاء من دعاهم ، ولم يلتفتوا اليه ، فسماهم صماً مجازاً وتوسعاً .