Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 46-50)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل المدينة { مثقال حبة } برفع اللام - ها هنا - وفي القمر . الباقون بنصبها . من رفع اللام جعل ( كان ) تامة بمعنى حدث ، كما قال { إلا أن تكون تجارة } ولا خبر لها . ومن نصبه جعل فى { كان } ضميراً ونصب { مثقال } بأنه خبر { كان } وتقديره فلا تظلم نفس شيئاً وان كان الشيء { مثقال حبة من خردل } وانما قال { بها } بلفظ التأنيث والمثقال مذكر ، لان مثقال الحبة وزنها ، ومثله قراءة الحسن { يلتقطه بعض السيارة } لان بعض السيارة سيارة . وروي ان مجاهد قرأ { آتينا } ممدوداً بمعنى جازينا بها . اخبر الله تعالى انه لو مس هؤلاء الكفار { نفحة من عذاب الله } ومعناه لو لحقهم واصابهم دفعة يسيرة ، فالنفحة الدفعة اليسيرة ، يقال : نفح ينفح نفحاً ، فهو نافح ، لأيقنوا بالهلاك ، ولقالوا { يا ويلنا } اي الهلاك علينا { إنا كنا ظالمين } لنفوسنا بارتكاب المعاصي اعترافاً منهم بذلك . ومعنى { يا ويلنا } يا بلاءنا الذي نزل بنا . وانما يقال استغاثه مما يكون منه ، كما يستغيث الانسان بنداء من يرفع به . ثم قال تعالى { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } قال قتادة : معناه نضع العدل في المجازاة بالحق لكل احد على قدر استحقاقه ، فلا يبخس المثاب بعض ما يستحقه ، ولا يفعل بالمعاقب فوق ما يستحقه . وقال الحسن : هو ميزان له كفتان ولسان ، يذهب الى انه علامة جعلها للعباد يعرفون بها مقادير الاستحقاق . وقال قوم : ميزان ذو كفتين توزن بها صحف الاعمال . وقال بعضهم : يكون في احدى الكفتين نور ، وفي الأخرى ظلمة ، فايهما رجح ، علم به مقدار ما يستحقه ، وتكون المعرفة في ذلك ما فيه من اللطف والمصلحة في دار الدنيا . وقوله { ليوم القيامة } معناه لأهل يوم القيامة . وقيل فى يوم القيامة . وقوله { وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها } معناه أنه لا يضيع لديه قليل الاعمال والمجازاة عليه ، طاعة كانت أو معصية { وكفى بنا حاسبين } أي وكفى المطيع أو العاصي بمجازاة الله وحسبه ذلك . وفي ذلك غاية التهديد ، لأنه إذا كان الذي يتولى الحساب لا يخفى عليه قليل ولا كثير ، كان اعظم . والباء فى قوله { كفى بنا } زائدة . و { حاسبين } يحتمل أن يكون نصباً على الحال أو المصدر - فى قول الزجاج . ثم اخبر الله تعالى فقال : { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان } قال مجاهد وقتادة : هو التوراة التي تفرق بين الحق والباطل . وقال ابن زيد : هو البرهان الذي فرق بين حقه وباطل فرعون ، كما قال تعالى { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان } وقوله { وضياء } أي وآتيناه ضياء يعني أدلة يهتدون بها . كما يهتدون بالضياء . وآتيناه { ذكراً للمتقين } أي مذكراً لهم ، يذكرون الله به . ومن جعل الضياء والذكر حالا للفرقان قال : دخلته واو العطف ، لاختلاف الأحوال ، كقولك جاءني زيد الجواد والحليم والعالم . وأضافه الى المتقين ، لانهم المتنفعون به دون غيرهم . ثم وصف المتقين بأن قال { الذين يخشون } عذاب الله فيجتنبون معاصيه فى حال السر والغيب . وقال الجبائي : معناه يؤمنون بالغيب الذي أخبرهم به ، وهم من مجازاة يوم القيامة { مشفقون } أي خائفون . ثم اخبر عن القرآن ، فقال { وهذا ذكر مبارك } يعني القرآن { أنزلناه } عليك يا محمد . وخاطب الكفار فقال { أفأنتم له منكرون } أي تجحدونه ، على وجه التوبيخ لهم ، والتقرير ، وفى ذلك دلالة على حدوثه ، لأن ما يوصف بالانزال وبأنه مبارك يتنزل به ، لا يكون قديماً ، لان ذلك من صفات المحدثات .