Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 61-65)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما قال بعضهم انه سمع ابراهيم يعيب آلهتهم وحكاه لقومه قالو : جيئوا { به على أعين الناس لعلهم يشهدون } وقيل في معناه قولان : احدهما - قال الحسن وقتادة والسدي : كرهوا أن يأخذوه بغير بينة ، فقالوا جيئوا به بحيث يراه الناس ، ويكون بمرءاً منهم { لعلهم يشهدون } بما قاله إني أكيد اصنامهم شهادة تكون حجة عليه . الثاني - قال ابن اسحاق { لعلهم يشهدون } عقابه . وقيل { لعلهم يشهدون } حجته وما يقال له من الجواب ، فلما جاؤا به قالوا له { أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم } مقررين له على ذلك ، فأجابهم إبراهيم بأن قال { بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون } وإنما جاز أن يقول { بل فعله كبيرهم هذا } وما فعل شيئاً لأحد امرين : احدهما - انه قيده بقوله { إن كان ينطقون } فقد فعله كبيرهم . وقوله { فاسألوهم } اعتراض بين الكلامين ، كما يقول القائل : عليه الدارهم فاسأله إن أقر . والثاني - انه خرج الخبر وليس بخبر ، وانما هو إلزام دل على تلك الحال ، كأنه قال بل ما تنكرون فعله كبيرهم هذا . فالالزام تارة يأتى بلفظ السؤال وتارة بلفظ الامر ، كقوله { فأتوا بسورة مثله } وتارة بلفظ الخبر . والمعنى فيه أنه من اعتقد كذا لزمه كذا وقد قرئ في الشواذ { فعله كبيرهم } - بتشديد اللام - بمعنى فلعل كبيرهم ، فعلى هذا لا يكون خبراً ، فلا يلزم ان يكون كذباً ، والكذب قبيح لكونه كذباً ، فلا يحسن على وجه ، سواء كان فيه نفع او دفع ضرر ، وعلى كل حال ، فلا يجوز على الأنبياء القبائح ، ولا يجوز ايضاً عليهم التعمية فى الاخبار ، ولا التقية في اخبارهم ، لأنه يؤدي الى التشكيك في اخبارهم ، فلا يجوز ذلك عليهم على وجه . فأما ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأن قال " لم يكذب ابراهيم إلا ثلاث كذبات كلها فى الله " فانه خبر لا أصل له ، ولو حسن الكذب على وجه ، كما يتوهم بعض الجهال ، لجاز من القديم تعالى ذلك . وزعموا ان الثلاث كذبات هي قوله { فعله كبيرهم هذا } وما كان فعله . وقوله { إني سقيم } ولم يكن كذلك . وقوله فى سارة لما اراد الجبار أخذها : إنها اختي ، وكانت زوجته . حتى قال بعضهم : كان الله أذن له فى ذلك . وهذا باطل ، لأنه لو اذن الله له فيه ، لكان الكذب حسناً . وقد بينا أنه قبيح على كل حال . وقيل : معنى قوله { إني سقيم } اي سأسقم ، لأنه لما نظر الى بعض الكواكب علم انه وقت نوبة حمى كانت تجيئه ، فقال : إني سقيم . وقيل معناه : اني سقيم ، اي غماً بضلالكم . وقيل : معناه سقيم عندكم ، فيما أدعوكم اليه من الدين . وقيل : ان من كانت عاقبته الموت جاز ان يقال فيه سقيم ، مثل المريض المشفى على الموت . وأما قوله فى سارة إنها أختي فانه أراد فى الدين . واما قول يوسف لأخوته { إنكم لسارقون } فقد قال قوم : هو من قول مؤذن يوسف على ظنه فيما يقتضيه الحال من الظن الذي يعمل عليه . وقيل معناه : { إنكم لسارقون } يوسف ( ع ) وقوله تعالى { فرجعوا إلى أنفسهم } اي عادوا الى نفوسهم يعني بعضهم الى بعض وقال بعضهم لبعض : { إنكم أنتم الظالمون } في سؤاله ، لانها لو كانت آلهة لم يصل ابراهيم الى كسرها . وقوله { ثم نكسوا على رؤسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون } فالنكس هو جعل الشيء أسفله أعلاه ، ومنه النكس في العلة إذا رجع الى اول حاله . والمعنى ادركتهم حيرة سوء ، فنكسوا لأجلها رؤسهم . ثم أقروا بما هو حجة عليهم ، فقالوا لابراهيم { لقد علمت ما هؤلاء ينطقون } فأقروا بهذا للحيرة التى لحقتهم ، فكان ذلك دلالة على خطئهم ، لكنهم أصروا على العناد .