Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 81-85)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى وسخرنا { لسليمان الريح عاصفة } من رفع { الريح } وهو عبد الرحمن الأعرج : أضاف الريح الى سليمان إضافه الملك ، كأنه قال له الريح . و { عاصفة } نصب على الحال في القراءتين ، والريح هو الجو ، يشتد تارة ويضعف أخرى . وحد الرماني الريح بأن قال : هو جسم منتشر لطيف ، يمتنع بلطفه من القبض عليه ويظهر للحس بحركته . وقولهم : سكنت الريح مثل قولهم : هبت الريح ، وإلا فانها لا تكون ريحاً إلا بالحركة . ويقولون : أسرع فلان فى الحاجة كالريح ، وراح فلان الى منزله . و ( العصوف ) شدة حركة الريح ، وعصفت تعصف عصفاً وعصفة ، وعصف عصفاً وعصوفاً إذا اشتد ، والعصف التبن ، لان الريح تعصفه بتطييرها . وقيل : عصوف الريح شدة هبوبها . وذكر ان الريح كانت تجري لسليمان إلى حيث شاء ، فذلك هو التسخير { تجري بأمره } يعني بأمر سليمان { إلى الأرض التي باركنا فيها } يعني الشام ، لانها كانت مأواه ، فأي مكان شاء مضى اليه ، وعاد اليها بالعشي . وقوله { وكنا بكل شيء عالمين } معناه علمنا معه على ما يعلمه من صحة التدبير ، فان ما أعطيناه من التسخير يدعوه الى الخضوع له . ويدعو طالب الحق الى الاستبصار فى ذلك ، فكان لطفاً يجب فلعه . وقوله { ومن الشياطين من يغوصون له } أي وسخرنا لسليمان قوماً من الشياطين يغوصون له في البحر { ويعملون عملا دون ذلك } قال الزجاج : معناه سوى ذلك { وكنا لهم حافظين } أي يحفظهم الله من الافساد لما عملوه . وقيل : كان حفظهم لئلا يهربوا من العمل . وقال الجبائي : كشف الله تعالى أجسام الجن حتى تهيأ لهم تلك الاعمال ، معجزة لسليمان ( ع ) قال : انهم كانوا يبنون له البنيان ، والغوص في البحار ، وإخراج ما فيه من اللؤلؤ وغيره ، وذلك لا يتأتى مع رقة أجسامهم . قال : وسخر له الطير بأن قوّى أفهامها ، حتى صارت كصبياننا الذين يفهمون التخويف والترغيب . ثم قال واذكر يا محمد { أيوب إذ نادى ربه } أي حين دعاه ، فقال يا رب { أني مسني الضر } أي نالني الضر يعني ما كان ناله من المرض والضعف . قال الجبائي : كان به السلعة { وأنت أرحم الراحمين } فارحمني . وقيل انما فعل ذلك بايوب ، ليبلغ بصبره على ذلك المنزلة الجليلة التي أعدها الله - عز وجل - له ولكل مؤمن فيما يلحقه من مصيبة اسوة بايوب ، قال الجبائي : لم يكن ما نزل به من المرض فعلا للشيطان ، لأنه لا يقدر على ذلك ، وإنما آذاه بالوسوسة وما جرى مجراها . قال الحسن : وكان الله تعالى أعطاه مالا وولداً ، فهلك ماله ومات ولده ، فصبر ، فأثنى الله عليه . ثم قال تعالى { فاستجبنا له } يعني أجبنا دعاءه ونداءه { فكشفنا ما به من ضر } أي أزلنا عنه ذلك المرض { وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قيل : رد الله اليه أهله الذين هلكوا بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معهم - فى قول ابن مسعود وابن عباس - وقال الحسن وقتادة : إن الله أحيا له أهله بأعيانهم وزاده اليهم مثلهم . وقال عكرمة ومجاهد - فى رواية - أنه خبر فاختار إحياء أهله في الآخرة ، ومثلهم فى الدنيا ، فأوتي على ما اختار . وقال ابن عباس : أبدله الله تعالى بكل شيء ذهب له ضعفين { رحمة من عندنا } أي نعمة منا عليه { وذكرى للعابدين } اي عظة يتذكر به العابدون لله تعالى مخلصين . وقوله { وإسماعيل وإدريس وذا الكفل } أي اذكر هؤلاء الذين عددتهم لك من الانبياء ، وما أنعمت عليهم من فنون النعمة . ثم أخبر أنهم كانوا كلهم { من الصابرين } يصبرون على بلاء الله ، والعمل بطاعته . دون معاصيه . وأختلفوا في ذي الكفل ، فقال ابو موسى الاشعري ، وقتادة ، ومجاهد : كان رجلا صالحاً ، كفل لنبي بصوم النهار ، وقيام الليل ، وألا يغضب ، ويقضي بالحق ، فوفى لله بذلك ، فأثنى الله عليه . وقال قوم : كان نبياً ، كفل بأمر وفى به . وقال الحسن : هو نبي اسمه ذو الكفل . وقال الجبائي : هو نبي ، ومعنى وصفه بالكفل أنه ذو الضعف أي ضعف ثواب غيره ، ممن فى زمانه لشرف عمله .