Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 91-95)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة إلا حفصاً عن عاصم " وحرم " بكسر الحاء بلا الف . الباقون بفتح الحاء . وإثبات الالف ، وهما بمعنى واحد . يقول الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) واذكر ايضاً { التي أحصنت فرجها } يعني مريم بنت عمران . والاحصان إحراز الشيء من الفساد ، فمريم أحصنت فرجها بمنعه من الفساد فأثنى الله عليها ، ورزقها ولداً عظيم الشأن ، لا كالأولاد المخلوقين من النطفة . وجعله نبياً . وقوله { فنفخنا فيها من روحنا } معناه أجرينا فيها روح المسيح ، كما يجري الهواء بالنفخ ، وأضاف الروح الى نفسه ، على وجه الملك تشريفاً له في الاختصاص بالذكر . وقيل : إن الله تعالى أمر جبرائيل بنفخ الروح في فرجها ، وخلق المسيح في رحمها . وقوله { وجعلناها وابنها آية للعالمين } معناه إنا جعلنا مريم وابنها عيسى آية للعالمين . وانما قال { آية } ولم يثن ، لأنه في موضع دلالة لهما ، فلا يحتاج أن يثنى . والآية فيهما أنها جاءت به من غير فحل ، فتكلم فى المهد بما يوجب براءة ساحتها من العيب ، وفي ذلك دليل واضح على سعة مقدوراته تعالى ، وأنه يتصرف كيف شاء . وقوله { وإن هذه أمتكم أمة واحدة } قال ابن عباس ومجاهد والحسن : معناه دينكم دين واحد . واصل الأمة الجماعة التي على مقصد واحد ، فجعلت الشريعة أمة ، لاجتماعهم بها على مقصد واحد . وقيل : معناه جماعة واحدة في أنها مخلوقة مملوكة لله . ونصب { أمة } على الحال ، ويسميه الكوفيون قطعاً . ثم قال { وأنا ربكم } الذي خلقكم { فاعبدوني } ولا تشركوا بي احداً . وقوله { وتقطعوا أمرهم بينهم } معناه اختلفوا فى الدين بما لا يسوغ ، ولا يجوز - فى قول ابن زيد - ثم قال مهدداً لهم { كل الينا راجعون } أي الى حكمنا ، في الوقت الذي لا يقدر على الحكم فيه سوانا ، كما يقال : رجع أمرهم الى القاضي أي الى حكمه . وقوله { فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن } قيل : الصالحات - ها هنا - صلة الرحم ، ومعونة الضعيف ، ونصرة المظلوم ، وإغاثة الملهوف ، والكف عن الظلم ، ونحو ذلك من اعمال الخير ، وانما شرط الايمان ، لأن هذه الأشياء لو فعلها الكافر لم ينتفع بها عند الله . وقوله { فلا كفران لسعيه } معناه لا جحود لاحسانه في عمله ، وهو مصدر كفر كفراً وكفراناً ، قال الشاعر : @ من الناس ناس لا تنام خدودهم وخدي ولا كفران لله نائم @@ وقوله { وإنا له كاتبون } أي ملائكتنا يثبتون ذلك ويكتبونه ، فلا يضيع له لديه شيء . وقوله { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } قيل : ( لا ) صلة ، والمعنى : حرام رجوعهم . وقيل { أنهم لا يرجعون } أي حال قبول التوبة . وقال قوم : حرام على قرية أهلكناها ، لانهم لا يرجعون . وقال الزجاج : المعنى وحرام على قرية أهلكناها أن نتقبل منهم عملا لأنهم لا يرجعون ، أي لا يتوبون أبداً . وحرم وحرام لغتان مثل حل وحلال . وقيل : في معنى { وحرام على قرية } معناه واجب عليهم ألا يرجعون الى تلك القرية أبداً . وقال الجبائي : معناه وحرام على قرية أهلكناها عقوبة لهم ان يرجعوا الى دار الدنيا .