Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 23-25)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثلاث آيات قرأ نافع وأبو بكر { ولؤلؤاً } بالنصب . الباقون بالجر . لما حكى الله تعالى أمر الخصمين اللذين يختصمان ، من الكفار ، والمؤمنين . ثم بين ما للكفار من عذاب النار ، وإصهار ما في بطونهم ، والمقامع من الحديد ، وغير ذلك ، بين ما للمؤمنين ، وهم الفريق الآخر فى هذه الآية ، فقال : { إن الله يدخل الذين آمنوا } بالله وأقروا بواحدانيته ، وصدقوا رسله { وعملوا } الاعمال { الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها } أي يلبسون الحلي { من أساور من ذهب } والأساور جمع أسوار ، وفيه ثلاث لغات اسوار - بالالف - وسوار وسورا . فمن جعله أسوار ، جمعه على أساورة . ومن جعله سوراً ، وسوراً ، جمعه أسورة . وفى قراءة عبد الله " أساوير " واحدها إسوار أيضاً ، وسوار وأساور ، مثل كراع وأكارع ، وجمع الاسورة سوراً { ولؤلؤاً } فمن جره عطفه على { من ذهب } وتقديره : يحلون أساور من ذهب ولؤلئ ، ومن نصبه عطفه على الموضع ، لأن { من } وما بعدها في موضع نصب ، فعطف { ولؤلؤاً } على الموضع ، وتقديره : ويحلون لؤلواً . وقد روي عن عاصم همز الاولى وتليين الثانية . وروي ضده ، وهو تليين الأولى وهمز الثانية . الباقون يهمزونهما . وكل ذلك جائز فى العربية . واللؤلؤ الكبار ، والمرجان الصغار . ويجوز أن يكون اللؤلؤ مرصعاً في الذهب ، فلذلك قال : يحلون لؤلؤاً وقوى القراءة بالنصب أنه فى المصاحف مكتوباً بالالف ، قال ابو عمرو : كتب كذلك ، كما كتبوا كفروا بالألف . ثم اخبر ان لباسهم فى الجنة حرير ، فحرم الله على الرجال لبس الحرير في الدنيا وشوقهم اليه فى الآخرة . ثم قال { وهدوا } يعني أهل الجنة الى الصواب من القول . قال الجبائي : هدوا الى البشارات من عند الله بالنعيم الدائم . وقيل : معناه الى القرآن . وقيل : الى الايمان . وقال الكلبى الى قول : لا إله إلا الله . وقال قوم : هو القول الذي لا فحش فيه ، ولا صخب { وهدوا إلى صراط الحميد } قيل : الى الاسلام وقيل : الى الجنة . فالحميد هو الله المستحق الحمد . وقيل : المستحمد الى عباده بنعمه - في قول الحسن - أي الطالب منهم أن يحمدوه . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال " ما احد أحب اليه الحمد من الله - عز وجل - " . ثم قال تعالى { إن الذين كفروا } بوحدانيته واختصاصه بالعبادة . { ويصدون } أي ويمنعون غيرهم { عن } اتباع { سبيل الله } بالقهر والاغواء { والمسجد الحرام } أي ويمنعونهم عن المسجد الحرام أن يجيئوا اليه حجاجاً وعماراً { الذي } جعله الله تعالى { للناس } كافة قبلة لصلاتهم ومنسكاً لحجهم ، والمراد بالمسجد الحرام المسجد بقبة . وقيل الحرم كله { سواء العاكف فيه والباد } قال ابن عباس وقتادة : العاكف المقيم فيه ، والباد الطارئ . ونصب { سواء } حفص عن عاصم على انه مفعول ثان من قوله { جعلناه للناس سواء } أي مساوياً ، كما قال { إنا جعلناه قرآناً عربياً } ويرتفع ( العاكف ) في هذه القرءاة بفعله أي يستوي العاكف والبادي . ومن رفع { سواء } جعله ابتداءاً وخبراً ، كما تقول : مررت برجل سواء عنده الخير والشر ، وتقديره العاكف والبادي سواء فيه بالنزول فيه . وقال مجاهد : معناه إنهم سواء في حرمته وحق الله عليهما فيه . واستدل بذلك قوم على أن أجرة المنازل فى أيام الموسم محرمة ، وقال غيرهم : هذا ليس بصحيح ، لان المراد به سواء العاكف فيه والباد ، فى ما يلزمه من فرائض الله تعالى فيه ، فليس لهم أن يمنعوه من الدور ، والمنازل ، فهي لملاكها . وهو قول الحسن . وانما عطف بالمستقبل على الماضي من قوله { كفروا ، ويصدون } لان المعنى ومن شأنهم الصد ، ونظيره { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله } ويجوز فى { سواء } الرفع والنصب والجر ، فالنصب على أن يكون المفعول الثاني لـ { جعلناه } على ما بيناه ، والرفع على تقدير : هم سواء فيه . والجر على البدل من قوله { للناس سواء } . وقوله { ومن يرد فيه بالحاد بظلم } معناه من أرادته فيه بالحاد كما قال الشاعر : @ اريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل @@ ذكره الزجاج . والباء في قوله { بإلحاد } مؤكدة . والباء فى قوله { بظلم } للتعدية ، ومثله قول الشاعر : @ بواد يمان ينبت الشث صدره واسفله بالمرخ والشبهان @@ والمعنى ينبت المرخ . ومثله قوله { تنبت بالدهن } أي تنبت الدهن . وقال الاعشى : @ ضمنت برزق عيالنا أرماحنا نيل المراجل والصريح الأجردا @@ وقال امرؤ القيس : @ ألا هل أتاها والحوادث جمة بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا @@ وقال الآخر : @ فلما جزت بالشرب هزّ لها العصا شجيح له عند الازاء نهيم @@ وقال الآخر : @ ألم يأتيك والابناء تنمى بما لاقت لبون بني زياد @@ ويجوز ان يكون المعنى ، ومن يرد فيه منعاً { بإلحاد } أي يميل بظلم ، فتكون حينئذ معدّية للارادة ، وذلك انه يمكن أن يريد منعاً لا بالحاد ، كما يمكن أن يميل لا بظلم ، وكما يمكن أن يمرّ لا بشيء . وقال ابن عباس : المعنى فيه من يرد استحلال ما حرم الله . و ( الالحاد ) هو الميل عن الحق . وقوله { نذقه من عذاب أليم } يعني مؤلم . وحكى الفراء : انه قرئ { ومن يرد } بفتح الياء - من الورود ، ومعناه من ورده ظلماً على غير ما أمر الله به ، إلا انه شاذ . وقال مجاهد : معناه من ظلم فيه وعمل شيناً واشرك بالله غيره . وقال ابن مسعود : من استحل ما حرمه الله . وقال ابن عباس : هو استحلال الحرم متعمداً . وقال حسان بن ثابت : هو احتكار الطعام بمكة . وقيل نزلت فى ابي سفيان وأصحابه ، حين صدوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن عمرة الحديبية .