Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 26-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) واذكر يا محمد { إذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } ومعناه جلعنا له علامة يرجع اليها . وقال قوم : معنى بوأنا وطّأنا له . وقال السدي : كانت العلامة ريحاً هبت ، فكشف حول البيت ، يقال لها الحجوج . وقال قوم : كانت : سحابة تطوقت حيال الكعبة ، فبنى على ظلها . واصل بوأنا من قوله { باؤا بغضب من الله } أي رجعوا بغضب منه . ومنه قول الحارث بن عباد ( بؤ بشسع كليب ) أي ارجع ، قال الشاعر : @ فان تكن القتلى بواء فانكم فتى ما قتلتم آل عوف ابن عامر @@ اي قد رجع بعضها ببعض فى تكافئ . وتقول : بوأته منزلا أي جعلت له منزلا يرجع اليه ، والمكان والموضع والمستقر نظائر . والبيت مكان مهيأ بالبناء للبيتوتة ، فهذا اصله . وجعل البيت الحرام على هذه الصورة . وقوله { ألا تشرك بي شيئاً } معناه وأمرناه ألا تشرك بي شيئاً في العبادة { وطهر بيتي } قال قتادة : يعني من عبادة الاوثان . وقيل : من الادناس . وقيل من الدماء ، والفرث ، والاقذار التى كانت ترمى حول البيت ، ويلطخون به البيت إذا ذبحوا . وقوله { للطائفين } يعني حول البيت { والقائمين والركع السجود } يعني طهر حول البيت للذين يقومون هناك للصلاة والركوع والسجود . وقال عطاء : والقائمين في الصلاة . وإذا قال : طاف ، فهو من الطائفين ، وإذا قعد ، فهو من العكف ، وإذا صلى ، فهو من الركع السجود . وفى الآية دلالة على جواز الصلاة في الكعبة . وقوله { وأذن في الناس بالحج } قال الحسن : والجبائي : هو أمر للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن يؤذن للناس بالحج ويأمرهم به ، وانه فعل ذلك في حجة الوداع . وقال ابن عباس : ان إبراهيم قام في المقام ، فنادى ( يا أيها الناس إن الله قد دعاكم الى الحج ) فأجابوا ( بلبيك اللهم لبيك ) . وقوله { يأتوك رجالاً } أي مشاة على أرجلهم ، فرجال جمع راجل مثل صاحب وصحاب ، وقائم وقيام { وعلى كل ضامر } أي على كل جمل ضامر ، وهو المهزول ، أضمره السير { من كل فج عميق } أي طريق بعيد ، قال الراجز : @ يقطعن بعد النازح العميق @@ وإنما قال { يأتين } لانه في معنى الجمع . وقيل : لأن المعنى وعلى كل ناقة ضامر . وقوله { ليشهدوا منافع لهم } قيل الأجر والثواب في الآخرة ، والتجارة في الدنيا . وقال أبو جعفر ( ع ) : المغفرة . وقوله { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } قال الحسن وقتادة : الأيام المعلومات عشر من ذي الحجة ، والأيام المعدودات أيام التشريق . وقال ابو جعفر ( ع ) الأيام المعلومات أيام التشريق ، والمعدودات العشر ، لأن الذكر الذي هو التكبير في أيام التشريق . وانما قيل لهذه الأيام : معدودات ، لقلتها . وقيل لتلك : معلومات ، للحرص على علمها بحسابها ، من أجل وقت الحج في آخرها . وقوله { على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } يعني مما يذبح من الهدي . وقال ابن عمر : الأيام المعلومات أيام التشريق ، لأن الذبح فيها الذي قال الله تعالى { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } . وقوله { فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير } قال مجاهد وعطاء : أمرنا بأن نأكل من الهدي وليس بواجب . وهو الصحيح ، غير انه مندوب اليه . والبائس الذي به ضر الجوع ، والفقير الذي لا شيء له ، يقال : بؤس فهو بائس إذا صار ذا بؤس ، وهو الشدة . أمر الله تعالى أن يعطى هؤلاء من الهدي . وقوله { ثم ليقضوا تفثهم } فالنفث مناسك الحج ، من الوقوف ، والطواف ، والسعي ، ورمي الجمار ، والحلق بعد الاحرام من الميقات . وقال ابن عباس وابن عمر : التفث جمع المناسك . وقيل التفث قشف الاحرام ، وقضاؤه بحلق الرأس ، والاغتسال ، ونحوه . قال الازهري : لا يعرف التفث في لغة العرب إلا من قول ابن عباس . وقوله { وليوفوا نذورهم } أي يوفوا بما نذروا ، من نحر البدن - فى قول ابن عباس - وقال مجاهد : كل ما نذر في الحج . وقرأ أبو بكر عن عاصم { وليوفّوا } مشدة الفاء ، ذهب إلى انه التكبير . وقوله { وليطوفوا بالبيت العتيق } أمر من الله تعالى بالطواف بالبيت . قال ابن زيد : سمي البيت عتيقاً ، لانه أعتق من ان تملكه الجبابرة عن آدم . وقيل : لأنه اول بيت بني . كقوله تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً } ثم حدده إبراهيم ( ع ) . وقيل : لانه أعتق من الغرق أيام الطوفان ، فغرقت الارض كلها إلا موضع البيت ، روي عن أبي جعفر ( ع ) . والطواف المأمور به من الله فى هذه الآية ، قال قوم : هو طواف الافاضة بعد التعريف إما يوم النحر ، وإما بعده ، وهو طواف الزيارة ، وهو ركن بلا خلاف . وروى أصحابنا ان المراد - ها هنا - طواف النساء الذي يستباح به وطؤ النساء ، وهو زيادة على طواف الزيارة . وقوله { ذلك ومن يعظم حرمات الله } بأن يترك ما حرمه الله . وقوله { وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم } يعني إلا ما يتلى عليكم فى كتاب الله : من الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، والموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع ، وما ذبح على النصب . وقيل : واحلت لكم الانعام ، من الابل ، والبقر ، والغنم ، فى حال إحرامكم { إلا ما يتلى عليكم } من الصيد ، فانه يحرم على المحرم . وقوله { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } معنى { من } لتبيين الصفة ، والتقدير فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان . وروى أصحابنا أن المراد به اللعب بالشطرنج ، والنرد ، وسائر انواع القمار { واجتنبوا قول الزور } يعني الكذب . وروى اصحابنا أنه يدخل فيه الغناء وسائر الاقوال الملهية بغير حق .