Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 31-35)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { حنفاء } نصب على الحال من الضمير فى قوله { واجتنبوا قول الزور } ومعنى { حنفاء } مستقيمي الطريقة ، على أمر الله . وأصل الحنف الاستقامة . وقيل للمائل القدم : أحنف تفاؤلا بالاستقامة . وقيل : أصله الميل . والحنيف المائل الى العمل بما أمر الله ، والأول أقوى ، لأنه أشرف فى معنى الصفة . وقوله { غير مشركين به } أي غير مشركين بعبادة الله غيره . والاشراك تضييع حق عبادة الله بعبادة غيره . أو ما يعظم عظم عبادة غيره ، وكل مشرك كافر ، وكل كافر مشرك . ثم قال تعالى { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء } أي من أشرك بعبادة الله غير الله ، كان بمنزلة من وقع من السماء ، { فتخطفه الطير } أي تتناوله بسرعة وتستلبه . والاختطاف والاستلاب واحد . يقال : خطفه يخطفه خطفاً ، وتخطفه تخطفاً إذا أخذه من كل جهة بسرعة . وقرا ابن عامر { فتخطفه } بتشديد الطاء ، بمعنى فتختطفه ، فنقل فتحة الطاء الى الخاء ، وأدغم التاء في الطاء . الباقون بالتخفيف ، وهو الاقوى لقوله { إلا من خطف الخطفة } وقوله { أو تهوي به الريح في مكان سحيق } والسحيق البعيد . والمعنى أن من أشرك بالله غيره كان هالكاً بمنزلة من زل من السماء ، واستلبه الطير ورمى به الريح فى مكان بعيد ، فانه لا يكون إلا هالكاً . وقيل : شبه المشرك بحال الهاوي فى أنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً يوم القيامة . وقيل : شبه أعمال الكفار أنها تذهب فلا يقدر على شيء منها - فى قول الحسن - وقوله { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } قال سيبويه : تقديره ذلك الأمر من يعظم ، قالشعائر علامات مناسك الحج كلها ، منها رمي الجمار ، والسعي بين الصفا والمروة وغير ذلك - فى قول ابن زيد - وقال مجاهد : هي البدن ، وتعظيمها استسمانها واستحسانها . والشعيرة العلامة التي تشعر بها ، لما جعلت له ، وأشعرت البدن إذا علمتها بما يشعر أنها هدي . وقوله { فإنها من تقوى القلوب } فالكناية في قوله { فإنها } تعود الى التعظيم . ويجوز أن تعود الى الخصلة من التعظيم . وقيل : شعائر الله دين الله . وقوله { فإنها من تقوى القلوب } معناه إن تعظيم الشعائر من تقوى القلوب أي من خشيتها . ثم قال { لكم فيها منافع إلى أجل مسمى } قال ابن عباس ، ومجاهد : ذلك ما لم يسم هدياً او بدناً . وقال عطاء : ما لم يقلد ، وقيل : منافعها ركوب ظهرها وشرب ألبانها إذا احتاج اليها . وهو المروي عن ابي جعفر ( ع ) . وقوله { إلى أجل مسمى } قال عطاء بن ابي رياح : الى أن تنحر . وقيل : المنافع التجارة . وقيل : الأجر ، وقيل : جميع ذلك . وهو أعم فائدة . وقوله { ثم محلها إلى البيت العتيق } معناه إن محل الهدي والبدن الى الكعبة . وعند اصحابنا : إن كان الهدي فى الحج ، فمحله منى ، وإن كان في العمرة المفردة ، فمحله مكة قبالة الكعبة بالخرورة . وقيل : الحرم كله محل لها ، والظاهر يقتضي أن المحل البيت العتيق ، وهو الكعبة . وقال قوم { إلى أجل مسمى } يعني يوم القيامة . ثم اخبر تعالى انه جعل لكل أمة من الامم السالفة منسكاً . وقرأ حمزة والكسائي { منسكاً } بكسر السين . الباقون بالفتح ، وهما لغتان ، وهو المكان للعبادة المألوفة الذي يقصده الناس . وقال الحسن : المنسك المنهاج وهو الشريعة جعل الله لكل أمة من الامم السالفة منسكا أي شريعة . كقوله { لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه } وقال مجاهد " منسكا " يعني عبادة فى الذبح ، والنسكة الذبيحة . يقال : نسكت الشاة أي ذبحتها فكأنه المذبح ، وهو الموضع الذي يذبح فيه . وقال محمد بن ابي موسى : محل المناسك الطواف بالبيت . وقوله { ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } أي جعلنا ذلك للامم وتعبدناهم به { ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } يعني من الابل والبقر والغنم إذا ارادوا تذكيتها . وفي ذلك دلالة على وجوب التسمية عند الذبيحة . ثم اخبر تعالى فقال { فإلهكم إله واحد } أي معبودكم الذي ينبغي أن توجهوا العبادة اليه واحد لا شريك له { فله اسلموا } أي استسلموا { وبشر المخبتين } قال قتادة : يعنى المتواضعين . وقال مجاهد : يعني المطمئنين الى ذكر ربهم . واشتقاق المخبت من الخبت ، وهو المكان المطمئن . وقيل : المنخفض ، ومعناهما واحد ، ثم وصف تعالى المخبتين ، فقال { الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } والمعنى إذا ذكر ثواب الله ، على طاعاته ، وعقابه على معاصيه ، خافوا عقابه وخشيوا من ترك طاعاته { والصابرين على ما أصابهم } يعني يصبرون على ما يبتليهم الله ، من بلائه فى دار الدنيا من أنواع المصائب والأمراض والاوجاع { والمقيمي الصلاة } يعني الذين يقيمون الصلاة ، فيؤدونها بحقوقها ، ويداومون عليها . { ومما رزقناهم ينفقون } أي مما ملكهم الله وجعل لهم التصرف فيه ينفقون فى مرضاته . وفى ذلك دلالة على أن الحرام ليس برزق الله . لان الله مدح من ينفق في سبيل الله مما رزقه ، والحرام ممنوع من التصرف فيه ، والانفاق منه فكيف يكون رزقاً .