Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 36-40)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ يعقوب { لن تنال الله لحومها ولكن تناله } بالتاء فيهما . الباقون بالياء فيهما . وقد مضى ذكر نظائره . وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي " أذن " بفتح الالف " يقاتلون " بكسر التاء . وقرأ نافع وحفص " أذن " بضم الألف " يقاتلون " بفتح التاء . وقرأ ابو عمرو ، وابو بكر عن عاصم " أذن " بضم الالف " يقاتلون " بكسر التاء . وقرأ ابن عامر " أذن " بفتح الألف " يقاتلون " بفتح التاء . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { إن الله يدفع ، ولولا دفع الله } بغير ألف فى الموضعين الباقون " يدافع " ، { ولولا دفاع الله } باثبات الألف في الموضعين . وقرأ أهل الكوفة وإبن كثير وابو جعفر " لهدمت " بتخفيف الدال . الباقون بتشديدها ، وهما لغتان . والتشديد للتكثير . قال الحسن : هدمها تعطيلها ، فاذا هدمت مواضع الصلاة فكأنهم هدموا الصلاة . وقيل : إن الصلوات بيوت النصارى ، يسمونها صلوتاً ، وقال أبو العالية الصلوات بيوت الصابئين وانشد : @ اتق الله والصلوت فدعها إن فى الصوم والصلوت فساداً @@ يريد بيت النصارى ومعنى الصوم - فى البيت - ذرق النعام . { ودفع الله ، ودفاع الله } [ لغتان والأغلب أن يكون ( فعال ) بين اثنين . وقد يكون للواحد مثل عافاه الله وطارقت النعل ] وقال ابن عمر : دفاع الله ، ويدافع : لحن . ومن فتح الالف فى { أذن } وكسر التاء فى { يقاتلون } فالمعنى أذن الله للذين يقاتلون أن يقاتلوا من ظلمهم ، وكذلك المعنى فى قراءة الباقين . ومعنى { بأنهم ظلموا } أي من أجل انهم ظلموا . يقول الله تعالى { والبدن جعلناها } فنصب البدن بفعل مضمر يدل عليه { جعلناها } ومثله { والقمر قدرناه } فيمن نصب القمر والبدن جمع بدنة ، وهي الابل المبدنة بالسمن . قال الزجاج : يقولون : بدنت الناقة إذا سمنتها . ويقال لها بدنة من هذه الجهة . وقيل : أصل البدن الضخم ، وكل ضخم بدن . وبدن بدناً إذا ضخم ، وبدن تبديناً ، فهو بدن ، ثقل لحمه للاسترخاء كما يثقل الضخم . والبدنة الناقة ، وتجمع على بدن وبدن . وتقع على الواحد والجمع قال الراجز : @ على حين تملك الأمورا صوم شهور وجبت نذورا وحلق رأسي وافياً مغضورا وبدناً مدرعاً موفورا @@ قال عطاء : البدن البقرة والبعير . وقيل : البدنة إذا نحرت علقت يد واحدة ، فكانت على ثلاث ، وكذلك تنحر ، وعند أصحابنا تشد يداها الى إبطيها ، وتطلق رجلاها . والبقر تشد يداها ورجلاها ويطلق ذنبها ، والغنم تشد يداها ورجل واحدة وتطلق الرجل الأخرى . وقوله { جعلناها لكم من شعائر الله } معناه جعلناها لكم فيها عبادة لله بما في سوقها الى البيت وتقليدها بما ينبئ أنها هدي . ثم نحرها للاكل منها واطعام القانع والمعتر . وقيل { من شعائرالله } معناه من معالم الله { لكم فيها خير } أي منافع في دينكم ودنياكم ، مثل ما فسرناه . وقوله { فاذكروا اسم الله عليها صواف } أمر من الله أن يذكر اسم الله عليها إذا إقيمت للنحر ، صافة . وصواف جمع صافة ، وهي المستمرة في وقوفها على منهاج واحد ، فالصف استمرار جسم يلي جسماً على منهاج واحد . والتسمية إنما تجب عند نحرها دون حال قيامها . وقوله { فإذا وجبت جنوبها } معناه وقعت لنحرها ، والوجوب الوقوع ، ومنه يقال : وجبت الشمس إذا وقعت فى المغيب للغروب ، ووجب الحائط إذا وقع ، ووجب القلب إذا وقع فيه ما يضطرب به . ووجب الفعل إذا وقع ما يلزم به فعله . ووجبت المطالبة إذا وقع ما يدعو الى قبولها . ووجب البيع إذا وقع . وقال أوس ابن حجر : @ ألم تكسف الشمس والبدر وال كواكب للجبل الواجب @@ أي الواقع ، وقرئ " صواف " على ثلاثة أوجه : صواف بمعنى مصطفة ، وعليه القراء " وصوافي " بمعنى خالصة لله وهي قراءة الحسن و " صوافن " بمعنى معلقة فى قيامها ، بازمتها وهي قراءة ابن مسعود ، وهو مشتق من صفن الحصان إذا ثنى احدى يديه حتى قام على ثلاث ، ومنه قوله { الصافنات الجياد } قال الشاعر : @ الف الصفون فما يزال كأنه مما يقوم على الثلاث كسيرا @@ والصافن من الخيل الذي يقوم على ثلاث ، ويثني سنبك الرابعة . وقوله { فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } فقال قوم : الاكل والاطعام واجبان . وقال آخرون : الاكل مندوب والاطعام واجب . وقال قوم : لو اكل جميعه جاز ، وعندنا يطعم ثلثه ، ويعطى ثلثه القانع والمعتر . ويهدي الثلث الباقى . والقانع الذي يقنع بما أعطي أو بما عنده ولا يسأل ، والمعتر الذي يتعرض لك ان تطعمه من اللحم . وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : المعتر الذي يسأل ، والقانع الذي لا يسأل ، وقال الحسن وسعيد بن جبير : القانع الذي يسأل قال الشماخ : @ لمال المرئ يصلحه فيغني مفاقره أعف من الفنوع @@ أي من السؤال . وقال الحسن : المعتر يتعرض ، ولا يسأل . وقال مجاهد : القانع جارك الغني ، والمعتر الذي يعتريك من الناس . ويقال : قنع الرجل الى فلان قنوعاً إذا سأل قال لبيد : @ وأعطاني المولى على حين فقره إذا قال الصبر حلتي وقنوعي @@ وقنعت بكسر النون اقنع قناعة وقناعاً إذا اكتفيت . وقوله { كذلك سخرناها لكم } أي مثل ذلك ذللنا هذه الأنعام لكم تصرفوها على حسب اختياركم ، بخلاف السباع الممتنعة بفضل قوتها ، لكي تشكروه على نعمه التي أنعم بها عليكم . ثم قال تعالى { لن ينال الله لحومها … } والمعنى لن يتقبل الله اللحوم ، ولا الدماء ، ولكن يتقبل التقوى فيها وفي غيرها ، بأن يوجب فى مقابلتها الثواب . وقيل : لن يبلغ رضا الله لحومها ، ولا دماؤها ، ولكن ينالها التقوى منكم . ثم قال { كذلك سخرها لكم } يعني الأنعام { لتكبروا الله على ما هداكم } أي لتعظموه ثم تشكروه على هدايته إياكم الى معرفته وطريق ثوابه . وقيل : معناه لتسموا الله تعالى على الذباحة . وقيل : لتكبروا الله فى حال الاحلال بما يليق به في حال الاحرام . ثم قال تعالى { وبشر المحسنين } يا محمد ، الذين يفعلون الأفعال الحسنة وينعمون على غيرهم . ثم قال { إن الله يدافع عن الذين آمنوا } أي نصرهم ويدفع عنهم عدوهم ، تارة بالقهر ، وأخرى بالحجة { إن الله لا يحب كل خوان كفور } إخبار منه تعالى أنه لا يحب الخوان ، وهو الذي يظهر النصيحة ، ويضمر الغش للنفاق ، أو لاقتطاع المال . وقيل : إن من ذكر اسم غير الله على الذبيحة ، فهو الخوان ، والكفور هو الجحود لنعم الله وغمط آياديه . ثم اخبر انه { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا } قيل : إن هذه الآية نزلت في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من أوطانهم ، فلما قووا ، أمره الله بالجهاد ، وبين أنه أذن لهم في قتال من ظلمهم واخرجهم من أوطانهم . ومعنى { بأنهم ظلموا } أي من أجل أنهم ظلموا . ثم أخبر أنه { على نصرهم لقدير } ومعناه انه سينصرهم . قال الجبائي : لا فائدة له الا هذا المعنى . وهذه الآية اول آية نزلت في الأمر بالقتال . ثم بين حالهم فقال { الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق } بل ظلماً محضاً { إلا أن يقولوا ربنا الله } والمعنى الا أن يقولوا الحق ، فكأنه قال الذين أخرجوا بغير حق ، الا الحق الذي هو قولهم ربنا الله . وقال سيبويه { إلا } بمعنى ( لكن ) وتقديره لكنهم يقولون : ربنا الله ، فهو استثناء منقطع ، وهو كقولك ما غضبت عليّ إلا أني منصف ، وما تبغض فلاناً إلا أنه يقول الحق ، أي جعلت ذلك ذنبه . وقال الفراء : تقديره إلا بأن يقولوا ، فتكون ( أن ) فى موضع الجر . ثم قال { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع } فى أيام شريعة موسى { وبيع } في ايام شريعة عيسى { ومساجد } فى ايام شريعة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) - في قول الزجاج - وقال مجاهد : صوامع الرهبان ، وبيع النصارى ، وهو قول قتادة . وعن مجاهد ايضاً ان البيع كنائس اليهود . وقال الضحاك : الصلوات كنائس اليهود يسمونها صلوتاً . وقيل مواضع صلوات المسلمين مما في منازلهم . وقيل : الصلوات أراد بها المصليات ، كما قال { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } وأراد المساجد ، والظاهر انه أراد نفس الصلاة لا يقر بها سكران . وقيل تقديره : وتركت صلوات - ذكره الاخفش - وقوله { يذكر فيها اسم الله كثيراً } يعني في المساجد والمواضع التي ذكرها . ثم قال { ولينصرن الله من ينصره } أي من نصر أولياء الله ، ودفع عنهم فان الله ينصره ، ويدفع عنه . ويجوز أن يكون المراد : من ينصر دين الله ويذب عنه فان الله ينصره { إن الله لقوي عزيز } أي قادر قاهر ، لا ينال أحد منه ما لا يريده ، ولا يتعذر عليه من يريد ضره . وقال الحسن : إن الله يدفع عن هدم مصليات أهل الذمة بالمؤمنين . وقرأ عاصم الجحدري " وصلوت " بالتاء - فى رواية هارون - وقال غيره : صلوت بالتاء والصاد واللام مضمومتان ، وقال : هي مساجد للنصارى . وقرأ الضحاك ( صلوث ) بثلاث نقط ، وقال : هي مساجد اليهود . وهذه شواذ لا يقرأ بها ، ولا يعرف لها فى اللغة اصل .