Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 51-55)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو { معجزين } بالتشديد ، بمعنى مثبطين ومبطئن ، وهو قول مجاهد . الباقون { معاجزين } بالألف . قال قتادة : معناه مشاقين معاندين . يقول الله تعالى ان { الذين سعوا في آيات الله معجزين } ومعناه إن الذين يعجزون المؤمنين في قبول هذه الآيات اي يعجزونهم عن اقامتها بجحدهم تدبير الله ( عز وجل ) لها . ويحتمل ان يكون معناه يعجزونهم عن تصحيحها . والسعي الاسراع فى المشي ، ومن قوله { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } وسعى يسعى سعياً ، فهو ساع ، وجمعه سعاة ، واستسعاه فى الامر استسعاء . وقال قتادد : ظنوا انهم يعجزون الله أي يفوتونه وأن يعجزوه . وقال مجاهد : معناه مبطئين عن اتباع آيات الله . ومن قرأ { معاجزين } اراد انهم يجادلون عجز الغالب . ومن قرأ { معجزين } بالتشديد اراد طلب اظهار العجز . وقال ابن عباس : معنى { معاجزين } مشاقين . وقيل معنى { معجزين } مسابقين ، يقال : اعجزني الشيء بمعني سبقني وفاتني . وقال ابو علي : معاجزين ظانين ومعتقدين انهم يفوتونا ، لانكارهم البعث . ومعجزين أي ينسبون من اتبع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الى العجز . وقال مجاهد : معناه مثبطين للناس عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) واتباعه . وقوله { أولئك أصحاب الجحيم } معناه الذين يسعون فى آيات الله طالبين إظهار عجزه إن لهم عذاب الجحيم ، وهم ملازمون لها . وقوله { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته } روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك ومحمد بن كعب ومحمد ابن قيس : انهم قالوا : كان سبب نزول الآية انه لما تلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) { أفرأيتم اللات والعزى ومنوة الثالثة الأخرى } القى الشيطان فى تلاوته ( تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ) ومعنى الآية التسلية للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وانه لم يبعث الله نبياً ، ولا رسولا إلا اذا تمنى - يعني تلا - القى الشيطان في تلاوته بما يحاول تعطيله ، فيرفع الله ما القاه بمحكم آياته . وقال المؤرج : الامنية الفكرة ، بلغة قريش . وقال مجاهد : كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا تأخر عنه الوحي تمنى أن ينزل عليه فيلقي الشيطان فى أمنيته ، فينسخ الله ما يلقي الشيطان ويحكم آياته . وقال ابو علي الجبائي : انما كان يغلط فى القراءة سهواً فيها ، وذلك جائز على النبي ، لانه سهو لا يعرى منه بشر ، ولا يلبث ان ينبهه الله تعالى عليه . وقال غيره : إنما قال ذلك فى تلاوته بعض المنافقين عن اغواء الشياطين ، وأوهم أنه من القرآن . وقال الحسن : انما قال : هي عند الله كالغرانيق العلى ، يعني الملائكة فى قولكم ، وإن شفاعتهن لترتجى فى اعتقادكم . والتمني فى الآية معناه التلاوة ، قال الشاعر : @ تمنى كتاب الله أول ليلة وآخره لاقى حمام المقادر @@ وقال الجبائي : انما سها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فى القراءة نفسها . فأما الرواية بأنه قرأ تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى ، فلا أصل لها ، لأن مثله لا يغلط على طريق السهو ، وانما يغلط في المتشابه . وقوله { فينسخ الله ما يلقي الشيطان } أي يزيل الله ما يلقيه الشيطان من الشبهة { ثم يحكم الله آياته } حتى لا يتطرق عليها ما يشعثها . وقال البلخي : ويجوز أن يكون النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سمع هاتين الكلمتين من قومه وحفظهما فلما قرأ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وسوس بهما اليه الشيطان ، وألقاهما فى فكره ، فكاد أن يجريهما على لسانه ، فعصمه الله ، ونبهه ، ونسخ وسواس الشيطان ، وأحكم آياته ، بأن قرأها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) محكمة سليمة مما أراد الشيطان . ويجوز أن يكون النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حين اجتمع اليه القوم ، واقترحوا عليه أن يترك ذكر آلهتهم بالسوء ، أقبل عليهم يعظهم ويدعوهم الى الله ، فلما انتهى رسول الله الى ذكر اللات والعزى . قال الشيطان هاتين الكلمتين رافعاً بها صوته ، فألقاهما فى تلاوته في غمار من القوم وكثرة لغطهم ، فظن الكفار ان ذلك من قول النبي ، فسجدوا عند ذلك . وقوله { والله عليم حكيم } معناه إنه عالم بجيمع المعلومات ، واضع الاشياء مواضعها . والآية تدل على أن كل رسول نبي ، لأنه تعالى ذكر أنه أرسلهم ، وانما قال من رسول ولا نبي ، لاختلاف المعنيين ، لأن الرسول يفيد أن الله أرسله ، والنبي يفيد أنه عظيم المنزلة يخبر عن الله . وقد قال بعض المفسرين : إن المراد بالتمني في الآية تمني القلب ، والمعنى انه ما من نبي ولا رسول إلا وهو يتمنى بقلبه ما يقربه الى الله من طاعاته ، وإن الشيطان يلقي في أمنيته بوسوسته واغوائه ما ينافي ذلك ، فينسخ الله ذلك عن قلبه بأن يلطف له ما يختار عنده ترك ما اغواه به . وقوله { ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض } بيان من الله تعالى أنه يجعل ما يلقيه الشيطان من الأمنية فتنة ، فمعنى { ليجعل } يحتمل امرين : احدهما - الحكم والتسمية ، كما تقول جعلت حسني قبيحاً ، ويكون المراد انه ينسخ ما يلقي الشيطان طلباً للفتنة والاغواء . والثاني - انه أراد ليجعل نسخ ما يلقي الشيطان فتنة ، لأن نفس فعل الشيطان لا يجعله الله فتنة ، لأن ذلك قبيح ، والله تعالى منزه عن القبائح اجمع ، فمعنى الفتنة في الآية المحنة ، وتغليظ التكليف { للذين في قلوبهم مرض } أي شك ونفاق وقلة معرفة { والقاسية قلوبهم } يعني من قسى قلبه عن اتباع الحق . وقيل : هم الظالمون . ثم اخبر تعالى { إن الظالمين } لنفوسهم { لفي شقاق بعيد } أي مشاقة بعيدة من الله تعالى ، وبين انه يفعل ذلك { ليعلم الذين أوتوا العلم } بالله وصفته وأن أفعاله صواب { أنه الحق من ربك } فيصدقوا به { فتخبت له قلوبهم } أي تطمئن اليه وتسكن . وبين ان الله تعالى يهدي من يؤمن الى صراط مستقيم ، بأن يلطف له ما يعلم انه يهتدي عنده { إلى صراط مستقيم } . ثم قال { ولا يزال الذين كفروا في مرية منه } يعني من القرآن . ومعناه الاخبار عمن علم الله تعالى من الكفار انهم لا يؤمنون بالآية خاصة . وهو قول ابن جريج إلا أن { تأتيهم الساعة } يعني القيامة { بغتة } أي فجأة ، وعلى غفلة { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم } قال الضحاك : هو عذاب يوم القيامة . وقال مجاهد وقتادة : هو عذاب يوم بدر . وقيل معنى { عقيم } أي لا مثل له في عظم امره لقتال الملائكة قال الشاعر :