Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 61-65)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أهل العراق إلا ابا بكر { وإن ما يدعون } بالياء . الباقون بالتاء . معنى ذلك ان { ذلك } الأمر { بأن الله يولج الليل في النهار } أي يدخل الليل على النهار ، والايلاج الادخال باكراه ، ولج يلج ولوجاً وأولج إيلاجاً واتلج اتلاجاً . وانما قال يولج الليل في النهار - ها هنا - لأن ذلك يقتضي أن ذلك صادر من مقتدر لولاه لم يكن كذلك . وقيل : معنى { يولج الليل في النهار } أن يدخل ما انتقص من ساعات الليل في النهار ، وما انتقص من ساعات النهار فى الليل . ومعنى { وإن الله سميع بصير } - ها هنا - أنه يسمع ما يقول عباده في هذا بصير به ، لا يخفى عليه شيء منه حتى يجازي به . وقوله { بأن الله هو الحق } وصفه بأنه الحق يحتمل أمرين : احدهما - انه ذو الحق في قوله وفعله . الثاني - انه الواحد فى صفات التعظيم التي من اعتقدها ، فهو محق ، وقوله { وإن ما يدعون من دونه هو الباطل } من قرأ بالتاء خاطب بذلك الكفار . ومن قرأ بالياء أخبر عنهم بأن ما يدعونه من دون الله من الاصنام والاوثان هو الباطل ، على الحقيقة { وإن الله هو العلي الكبير } فالعلي القادر الذي كل شيء سواه تحت معنى صفته ، بأنه قادر عليه ، ولا يجوز وصفه بـ ( رفيع ) على هذا المعنى ، لان صفة علي منقولة اليه ، ولم تنقل صفة ( رفيع ) ووصفه بأنه الكبير ، يفيد أن كل شيء سواه يصغر مقداره عن معنى صفته ، لأنه القادر الذي لا يعجزه شيء ، العالم الذي لا يخفى عليه شيء . وقوله { ألم تر } خطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمراد به جميع المكلفين يقول الله لهم ألم تعلموا { أن الله أنزل من السماء ماء } يعني غيثاً ومطراً { فتصبح الأرض } بذلك { مخضرة } بالنبات { إن الله لطيف خبير } فاللطيف معناه أنه المختص بدقيق التدبير الذي لا يخفى عنه شيء ولا يتعذر عليه ، فهو لطيف باستخراج النبات من الارض بالماء ، وابتداع ما يشاء { خبير } بما يحدث عنه وما يصلح له . وقوله { فتصبح الأرض } انما رفع { فتصبح } لانه لم يجعله جواباً للاستفهام ، لان الظاهر وإن كان الاستفهام فالمراد به الخبر ، كأنه قال : قد رأيت أن الله ينزل من السماء ماء ، فتصبح الارض مخضرة ، إلا انه نبه على ما كان رآه ليتأمل ما فيه قال الشاعر : @ ألم تسأل الربع القواء فينطق وهل يخبرنك اليوم بيداً سملق @@ لان المعنى قد سألته فنطق . ثم أخبر تعالى أن { له } ملك { ما في السماوات وما في الأرض } لا ملك لاحد فيه . ومعناه إن له التصرف في جميع ذلك لا اعتراض عليه . وأخبر { إن الله هو الغني الحميد } فالغني هو الحي الذي ليس بمحتاج ، فهو تعالى المختص بأنه لو بطل كل شيء سواه لم تبطل نفسه القادرة العالمة . الذي لا يجوز عليه الحاجة بوجه من الوجوه ، وكل شيء سواه يحتاج اليه ، لانه لولاه لبطل ، لانه لا يخلو من مقدوره أو مقدور مقدوره . و { الحميد } معناه الذي يستحق الحمد على أفعاله ، وهو بمعنى انه محمود . ثم قال { ألم تر } يا محمد والمراد جميع المكلفين { إن الله سخر لكم ما في الأرض } من الجماد والحيوان اي قد ذلله لكم ، تتصرفون فيه كيف شئتم ، وينقاد لكم ، على ما تؤثرونه . وان الفلك تجري فى البحر بأمر الله اي بفعل الله ، لانها تسير بالريح ، وهو تعالى المجري لها و { يمسك السماء أن تقع على الأرض } أي يمنعها من الوقوع على الارض ، ولا يقدر على إمساكها أحد سواه مع عظمها وثقلها { إلا بإذنه } اي لا تقع السماء على الارض إلا اذا أذن الله فى ذلك بأن يريد ابطالها واعدامها . ومعنى { أن تقع } ألا تقع . وقيل معناه كراهية أن تقع . ثم أخبر انه تعالى { بالناس لرؤف رحيم } أي متعطف منعم عليهم .