Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 101-105)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { فإذا نفخ في الصور } ليوم الحشر والجزاء ومعنى نفخ الصور : هو علامة لوقت اعادة الخلق . وفي تصورهم الاخبار عن تلك الحال صلاح لهم في الدنيا ، لانهم على ما اعتادوه فى الدنيا من بوق الرحيل والقدوم . وقال الحسن : الصور جمع صورة أي إذا نفخ فيها الأرواح واعيدت احياء . وقال قوم : هو قرن ينفخ فيه إسرافيل بالصوت العظيم الهائل ، على ما وصفه الله . وقوله { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } اخبار منه تعالى عن هول ذلك اليوم ، فانهم لا يتواصلون هناك بالانساب ، ولا يحنون اليها ، لشغل كل انسان بنفسه . وقيل معناه : انهم لا يتناسبون في ذلك اليوم ، ليعرف بعضهم بعضاً من أجل شغله بنفسه عن غيره . وقال الحسن : معناه لا أنساب بينهم يتعاطفون بها ، وإن كانت المعرفة بأنسابهم حاصلة بدلالة قوله { يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه } فاثبت انهم يعرفون أقاربهم وإن هربهم منهم لاشتغالهم بنفوسهم ، والنسب هو إضافة الى قرابة في الولادة . وقوله { ولا يتساءلون } معناه لا يسأل بعضهم بعضاً عن خبره وحاله ، كما كانوا فى الدنيا ، لشغل كل واحد منهم بنفسه . وقيل : لا يسأل بعضهم بعضاً أن يحمل عنه من ذنوبه شيئاً . ولا يناقض ذلك قوله { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } لان هناك مواطن ، فمنها ما يشغلهم من عظيم الأمر الذي ورد عليهم عن المساءلة ، ومنها حال يفيقون فيها فيتساءلون . وقال ابن عباس : قوله { فإذا نفخ في الصور } يعني النفخة الاولى التي يهلك عندها الخلق ، فلا احد يبقى ، ولا نسب هناك ولا تساؤل . وقوله { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } فذلك عند دخولهم الجنة ، فانه يسأل بعضهم بعضاً ، وهو قول السدي . وقوله { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون } اخبار منه تعالى أن من عظمت طاعاته وسلمت من الاحباط - فى قول من يقول بذلك - ومن لا يقول بالاحباط فمعناه عندهم : إن من كثرت طاعاته ، وهو غير مستحق للعقاب ، فان اولئك هم المفلحون الفائزون . { ومن خفت موازينه } بأن يكون احبطت طاعاته ، لكثرة معاصيه . ومن لا يقول بالاحباط ، قال : معناه من لم يكن معه شيء من الطاعات وإنما معهم المعاصي ، لان الميزان إذا لم يكن فيه شيء يوصف بالخفة ، كما يوصف بالخفة إذا كان فيه شيء يسير في مقابلته ما هو أضعافه ، فان من هذه صورته { فأولئك الذين خسروا أنفسهم } لأنهم أهلكوها بالمعاصي التي استحقوا بها العقاب الدائم ، وهم { في جهنم } مؤبدون { خالدون } . وقال الحسن والجبائي وغيرهما : هناك ميزان له كفتان ولسان . واختلفوا : فمنهم من قال : يوزن بها صحف الأعمال . وقال بعضهم : يظهر فى احدى الكفتين النور ، وفي الأخرى الظلمة ، فأيهما رجح تبينت الملائكة المستحق للثواب من المستحق للعقاب . وقال قتادة والبلخي : الميزان عبارة عن معادلة الاعمال بالحق . وبيان أنه ليس هناك مجازفة ولا تفريط . ثم اخبر تعالى بأن النار التي يجعلون فيها { تلفح وجوههم } وانهم فيها { كالحون } يقال : لفح ونفح بمعنى واحد ، غير أن اللفح أعظم من النفخ . واشد تأثيراً ، وهو ضرب من السموم للوجه ، والنفح ضرب الريح للوجه ، والكلوح تقلص الشفتين عن الاسنان حتى تبدو الأسنان ، قال الاعشى :