Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 96-100)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
امر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) أن يدفع السيئة من إساءة الكفار اليه بالتي هي أحسن منها . ومعنى ذلك انهم إذا ذكروا المنكر من القول - الشرك - ذكرت الحجة فى مقابلته وذكرت الموعظة التي تصرف عنه الى ضده من الحق ، على وجه التلطف في الدعاء اليه ، والحث عليه ، كقول القائل : هذا لا يجوز ، وهذا خطأ ، وعدول عن الحسن . وأحسن منه أن يوصل بذكر الحجة والموعظة كما بينا . وقال الحسن : { بالتي هي أحسن } الاغضاء والصفح . وقيل : هو خطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمراد به الأمة ، والمعنى إدفع الأفعال السيئة بالافعال الحسنة التي ذكرها . وقوله { نحن أعلم بما يصفون } معناه نحن اعلم منهم بما يستحقون به من الجزاء في الوقت الذي يصلح الأخذ بالعقوبة إذا انقضى الأجل المضروب بالامهال . ثم قال له { قل } يا محمد ، وادع فقل يا { رب أعوذ بك من همزات الشياطين } أي نزغاتهم ووساوسهم ، فمعنى { أعوذ } اعتصم بالله من شر الشياطين ، فى كل ما يخاف من شره . والمعاذة هي التي يستدفع بها الشر ، والهمزات دفعهم بالاغواء الى المعاصي ، والهمز شدة الدفع . ومنه الهمزة : الحرف الذي يخرج من أقصى الحلق باعتماد شديد . والعياذ طلب الاعتصام من الشر { وأعوذ بك رب أن يحضرون } هؤلاء الشياطين فيوسوسون لي ويغووني عن الحق . وقوله { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون } اخبار من الله تعالى عن أحوال هؤلاء الكفار ، وانه إذا حضر أحدهم الموت ، واشرف عليه سأل الله عند ذلك و { قال رب ارجعون } أي ردني الى دار التكليف { لعلي أعمل صالحاً } من الطاعات وأتلافى ما تركته ، وانما قال { رب ارجعون } على لفظ الجمع لأحد امرين : احدهما - انهم استعانوا أولا بالله ، ثم رجعوا الى مسألة الملائكة بالرجوع الى الله - في رواية ابن جريج . والثاني - انه جرى على تعظيم الذكر في خطاب الواحد بلفظ الجمع لعظم القدر كما يقول ذلك المتكلم ، قال الله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وقال { ولقد خلقنا الإنسان } وما جرى مجراه . وروى النضر بن سمأل قال : سئل الخليل عن قوله { رب ارجعون } ففكر ثم قال : سألتموني عن شيء لا أحسنه ولا أعرف معناه ، والله أعلم ، لانه جمع ، فاستحسن الناس منه ذلك . فقال الله تعالى فى الجواب عن سؤالهم { كلا } وهي كلمة ردع وزجر أي حقاً { إنها كلمة } فالكناية عن الكلمة والتقدير : ان الكلمة التي قالوها { كلمة هو قائلها } بلسانه . وليس لها حقيقة ، كما قال { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } وقوله { ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } فالبرزخ الحاجز - وها هنا - هو الحاجز بين الموت والبعث - في قول ابن زيد - وقال مجاهد : هو الحاجز بين الموت والرجوع الى الدنيا . وقال الضحاك : هو الحاجز بين الدنيا والاخرة : وقيل البرزخ الامهال . وقيل : كل فصل بين شيئين برزخ . وفى الآية دلالة على أن احداً لا يموت حتى يعرف اضطراراً منزلته عند الله وانه من أهل الثواب أو العقاب - فى قول الجبائي وغيره - وفيها دلالة أيضاً على انهم فى حال التكليف يقدرون على الطاعة بخلاف ما تقول المجبرة . ومعنى { ومن ورائهم } أي أمامهم وقدامهم ، قال الشاعر : @ ايرجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا @@ ومعنى { يبعثون } يوم يحشرون للحساب والمجازاة ، وأضيف الى الفعل لان ظرف الزمان يضاف الى الافعال .