Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 106-110)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { شقاوتنا } باثبات الألف . الباقون { شقوتنا } . وقرأ اهل الكوفة إلا عاصماً ونافع { سخرياً } بضم السين . الباقون بكسرها . حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار انهم يعترفون على نفوسهم بالخطأ ، ويقولون { ربنا غلبت علينا شقوتنا } والشقوة المضرة اللاحقة فى العاقبة . والسعادة المنفعة اللاحقة فى العاقبة ، وقد يقال لمن حصل فى الدنيا على مضرة فادحة : شقي ، من حيث أنه يؤدي الى أمر شديدة ، فالمعاصي شقوة ، تؤدي الى العقاب الدائم . ويجوز أن يكون المراد بالشقوة العذاب الذي يفعل الله بهم ويغلب عليهم . وقوله { وكنا قوماً ضالين } اعتراف منهم على نفوسهم أنهم ضلوا عن الحق فى الدنيا وزمان التكليف ، ويسألون الله تعالى فيقولون { ربنا أخرجنا منها } أى من هذه النار { فإن عدنا فإنا ظالمون } ولا يجوز أن يكونوا لو أُخرجوا الى دار التكليف لما عادوا ، لان الشهوة العاجلة والاغترار بالامهال يعود اليهم فلا يكونون ملجئين . وقد قال الله تعالى { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون } وقال الحسن : هو آخر كلام يتكلمون به أهل النار ، فيقول الله تعالى لهم فى جوابهم { اخسئوا فيها } يعني في النار { ولا تكلمون } أي ابعدوا ، بعد الكلب . واذا قيل للكلب اخسأ ، فهو زجر بمعنى ابعد بعد غيرك من الكلاب ، واذا خوطب به انسان ، فهو إهانة له ، ولا يكون ذلك إلا عقوبة ، وخسأت فلاناً أخسأه خسأ ، فهو خاسئ إذا أبعدته بمكروه ، ومنه قوله { كونوا قردة خاسئين } وقوله { ولا تكلمون } قيل فى معناه قولان : احدهما - ان ذلك على وجه الغضب اللازم لهم ، فذكر ذلك ليدل على هذا المعنى ، لان من لا يكلم اهانة له وغضباً ، فقد بلغ به الغاية في الاذلال . والثاني - ولا تكلمون في رفع العذاب عنكم ، فاني لا أرفعه عنكم ، ولا افتره وهو على صيغة النهي ، وليس بنهي . ثم يقول الله تعالى لهؤلاء الكفار على وجه التهجين لهم والتوبيخ { إنه كان فريق من عبادي } يعني المؤمنين فى دار الدنيا { يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين } أي يدعون بهذه الدعوات ، عبادة لله ، وطلباً لما عنده من الثواب { فاتخذتموهم } انتم يا معشر الكفار { سخرياً } اي كنتم تستهزؤن بهم وتسخرون منهم . وقيل ( السخري ) بضم السين من التسخير و ( السخري ) بكسر السين من الهزء . وقيل : هما لغتان . وقوله { حتى أنسوكم ذكري } معناه لتشاغلكم بالسخرية نسيتم ذكري { وكنتم منهم تضحكون } فلذلك نسب اليهم انهم انسوهم ذكر الله ، لما كان بسببهم ، والاشغال باغوائهم نسوا ذكر الله .