Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 17-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اين كثير ونافع وابو عمرو " سيناء " بكسر السين ، ولم يصرف ، لأنه إسم البقعة . الباقون بفتح السين . وقرأ ابن كثير وابو عمرو " تنبت " بضم التاء وكسر الباء . الباقون بفتح التاء وضم الياء . من كسر السين من " سيناء " ، فلقوله { طور سينين } والسيناء الحسن ، وكل جبل ينبت الثمار فهو سينين . ومن فتح السين ، فلأنه لغتان . وأصله سرياني ، ومن فتح السين لا يصرفه في المعرفة ولا النكرة ، لأن الهمزة في هذا البناء لا تكون إلا للتأنيث ، ولا تكون للالحلاق ، لأن ( فعلال ) لا يكون إلا فى المضاعف مثل ( الزلزال والقلقال ) ومن كسر السين ، فالهمزة عنده منقلبة عن الياء كـ ( علياء ، وحوباء ) وهي التي تظهر فى قولك ( سيناية ) لما بنيت للتأنيث . وانما لم يصرف على هذا القول ، وإن كان غير مؤنث ، لأنه جعل اسم بقعة أو ارض ، فصار بمنزلة امرأة سميت بـ ( جعفر ) . ومن ضم التاء من " تنبت " لم يعده بالباء ، وأراد تنبت الدهن . قال ابو علي الفارسي : ويحتمل أن يكون الباء متعلقاً بغير هذا الفعل الظاهر ، وتقدر مفعولا محذوفاً ، وتقديره : تنبت ثمرها وفيها دهن وصبغ . ومن فتح التاء عدى الفعل بالباء . كقولهم : ذهبت يزيد وأذهبت زيداً ، ويجوز أن يكون الباء في موضع الحال ، ولا يكون للتعدي . مثل ما قلناه فى الوجه الأول وتقديره تنبت وفيها دهن . يقول الله تعالى { ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق } يعني سبع سماوات ، خلقها الله فوق الخلائق ، وسماها طرائق ، لأن كل طبقة طريقة . وقال الجبائي : لأنها طرائق للملائكة ، وقال ابن زيد : الطرائق السماوات الطباق . وقال الحسن : ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام وكذلك ما بين السماء والارض . وقوله { وما كنا عن الخلق غافلين } معناه ما كنا غافلين ان ينزل عليهم ما يحييهم من المطر . ويحتمل أن يكون أراد ما كنا غافلين عن أفعالهم ، وما يستحقون بها من الثواب والعقاب ، بل نحن عالمون بجميع ذلك . وقيل { وما كنا عن الخلق غافلين } بل كنا حافظين للسماء من أن تسقط عليهم ، فتهلكهم . والغفلة ذهاب المعنى عن النفس . ومثله السهو ، فالعالم لنفسه لا يجوز عليه الغفلة ، لأنه لا شيء إلا وهو عالم به . وإنما ذكر الغفلة بعد الطرائق ، لأن من جاز عليه الغفلة عن العباد جاز عليه الغفلة عن الطرائق التي فوقهم ، فتسقط عليهم ، فأمسك الله تعالى طرائق السموات أن تقع على الارض إلا باذنه . ولولا إمساكه لها لم تقف طرفة عين . وقوله { وأنزلنا من السماء ماء بقدر } أي أنزلنا المطر والغيث بقدر الحاجة ، لا يزيد على قدر الحاجة ، فيفسد ، ولا ينقص عنها فيهلك ، بل وفق الحاجة . وقوله { فأسكناه في الأرض } يعني انه تعالى أسكن الماء المنزل من السماء في الارض واثبته في العيون والأودية . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " أربعة أنهار من الجنة : النيل ، والفرات ، وسيحان ، وجيحان " . ثم قال تعالى { وإنا على ذهاب به لقادرون } لا يعجزنا عن ذلك شيء ، ولو فعلناه لهلك جميع الحيوان ، فنبههم بذلك على عظم نعمة الله على خلقه ، بانزال الماء من السماء . ثم اخبر تعالى انه ينشيء للخلق بذلك الماء { جنات } وهي البساتين { من نخيل وأعناب } لتنتفعوا بها معاشر الخلق { لكم فيها فواكه كثيرة } تتفكهون بها { ومنها تأكلون } وانما خص النخيل والاعناب ، لأنها ثمار الحجاز ، من المدنية والطائف . فذكرهم الله تعالى بالنعم التي يعرفونها . وقوله { وشجرة تخرج من طور سيناء } انما خص الشجرة التي تخرج من طور سيناء ، لما فى ذلك من العبرة ، بأنه لا يتعاهدها إنسان بالسقي ، ولا يراعيها احد من العباد ، تخرج الثمرة التي يكون فيها الدهن الذي تعظم الفائدة وتكثر المنفعة به . وسيناء البركة ، كأنه قال جبل البركة - وهو قول ابن عباس ومجاهد - وقال قتادة والضحاك : معناه الحسن . وقال ابن عباس : طور سيناء إسم الجبل الذي نودي منه موسى ( ع ) وهو كثير الشجر قال العجاج : @ دانى جناحيه من الطور فمر @@ وقيل يحتمل ان يكون ( سيناء : فيعالا ) من السنة ، وهو الارتفاع . والشجرة قيل انها شجرة الزيتون . وقوله { تنبت بالدهن } أي تنبت ثمرها بالدهن . ومن فتح التاء فمعناه تنبت بثمر الدهن . وقيل نبت وأنبت لغتان قال زهير : @ رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطيناً بها حتى إذا أنبت البقل @@ وقيل الباء زائدة ، والمعنى تنبت ثمر الدهن ، كما قال الراجز : @ نحن بنو جعدة أرباب الفلج نضرب بالبيض ونرجوا بالفرج @@ أي نرجوا الفرج . وقوله { وصبغ للآكلين } أي وجعلناه مما يتأدم به الانسان ويصطبغون به من الزيت والزيتون . والاصطباغ ان يغمز فيه ثم يخرجه ويأكله .