Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 26-30)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابو بكر عاصم { منزلا } بفتح الميم . الباقون بضمها . من فتح الميم جعله اسم المكان أو مصدراً ثلاثياً . ومن ضم الميم ، فلانه مصدر ( أنزل إنزالا ) لقوله { أنزلني } ومثله { أدخلني مدخل صدق } ولو قرئ { وأنت خير المنزلين } لكان صواباً بتقدير أنت خير المنزلين به ، كما تقول : أنزلت حوائجي بك . وقرا حفص عن عاصم { من كلّ زوجين } منوناً على تقدير اسلك فيها زوجين اثنين من كل ، اي من كل جنس ، ومن كل الحيوان ، كما قال تعالى { ولكل وجهة } اي لكل انسان قبلة { هو موليها } لان ( كلا ، وبعضاً ) يقتضيان مضافاً إليهما . الباقون بالاضافة إلى { زوجين } ونصب { اثنين } على انه مفعول به يقول الله تعالى ان نوحاً ( ع ) لما نسبه قومه الى الجنة ، وذهاب العقل ، ولم يقبلوا منه ، دعا الله تعالى ، فقال { رب انصرني بما كذبون } أي اعني عليهم ، فالنصرة المعونة على العدو . فأجاب الله تعالى دعاءه . وأهلك عدوه ، فأغرقهم ونجاه من بينهم بمن معه من المؤمنين . وقوله { بما كذبون } يقتضي أن يكون دعا عليهم بالاهلاك جزاء على تكذيبهم إياه . فقال الله تعالى انا { أوحينا إليه أن اصنع الفلك } وهو السفينة { بأعيننا } وقيل في معناه قولان : احدهما - بحيث نراها ، كما يراها الرائي من عبادنا بعينه ، ليتذكر انه يصنعها ، والله ( عز وجل ) يراه . الثاني - بأعين أوليائنا من الملائكة والمؤمنين ، فانهم يحرسونك من منع مانع لك . وقوله { ووحينا } أي باعلامنا إياك كيفية فعلها . وقوله { فإذا جاء أمرنا } يعني إذا جاء وقت اهلاكنا لهم { وفار التنور } روي انه كان جعل الله تعالى علامة وقت الاهلاك فوران التنور بالماء . فقال له : اذا جاء ذلك الوقت { فاسلك فيها } يعني فى السفينة ، وكان فوران الماء من التنور المسجور بالنار ، معجزة لنوح ( ع ) ودلالة على صدقه ، وأكثر المفسرين على أنها التنور التي يخبز فيها . وروي عن علي ( ع ) انه أراد طلوع الفجر . ويقال : سلكته وأسلكته ، فيه لغتان ، كما قال الشاعر : @ وكنت لزاز خصمك لم أعرّد وقد سلكوك فى يوم عصيب @@ وقال الهذلي : @ حتى إذا أسلكوهم فى قتائدة شلا كما تطرد الجمالة الشردا @@ وقيل : سلكته فيه حذف ، لان تقديره سلكت به فيه . ومعنى { فأسلك فيها } احمل فيها وادخل الى السفينة { من كل زوجين اثنين } أي من كل زوجين ، من الحيوان . اثنين : ذكراً وانثى . والزوج واحد له قرين من جنسه وقوله { واهلك } أي اجمل اهلك معهم ، يعني الذين آمنوا معك { إلا من سبق عليه القول } بالاهلاك منهم { ولا تخاطبني في الذين ظلموا } اي لا تسلني فى الظالمين أنفسهم بالاشراك معي فـ { إنهم مغرقون } هالكون . ثم قال له { فإذا استويت أنت } يا نوح { ومن معك على الفلك } واستقررتم فيه وعلوتم عليه ، وتمكنتم منه فقل شكراً لله { الحمد لله الذي نجانا } وخلصنا { من القوم الظالمين } لنفوسهم بجحدهم توحيد الله . وقل داعياً { رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين } وقال الجبائي : المنزل المبارك هو السفينة . وقال مجاهد : قال ذلك حين خرج من السفينة . وقال الحسن : كان فى السفينة . سبعة انفس من المؤمنين ، ونوح ثامنهم . وقيل : ستة . وقيل : ثمانين . وقيل : انه هلك كل ما كان على وجه الأرض إلا من نجامع نوح فى السفينة . وقال الحسن : كان طول السفينة الفاً ومئتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع . وكانت مطبقة تسير بين ماء السماء وبين ماء الارض . ثم قال تعالى { إن في ذلك } يعني فيما اخبرناك به وقصصنا عليك { لآيات } ودلالات للعقلاء ، يستدلون بها على توحيد الله وصفاته { وإن كنا لمبتلين } أي وإن كنا مختبرين عبادنا بالاستدلال على خالقهم بهذه الآيات ، ومعرفته وشكره على نعمه عليهم ، وبعبادته وطاعته وتصديق رسله .