Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 47-50)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى حكاية عن فرعون وقومه بعد ما أخبر عنهم بالاستكبار ، والعلو على موسى وهارون ، وترك اجابتهما انهم { قالوا أنؤمن } أي نصدق { لبشرين مثلنا } أي انسانين خلقهم مثل خلقنا ، وسمي الانسان بشراً ، لانكشاف بشرته ، وهي جلدته الظاهرة ، حتى احتاج الى لباس يكنه ، لأن غيره من الحيوان مغطى البشرة بريش أو صوف أو شعر أو وبر أو صدف ، لطفاً من الله تعالى لهم إذ لم يكن هناك عقل يدبر أمره مع حاجته الى ما يكنه . وهدى الانسان الى ما يستغني به في هذا الباب . وقوله { وقومهما لنا عابدين } معناه انهم لنا مطيعون طاعة العبد لمولاه . وقال قوم : معناه إنهم يذلون لنا ويخضعون . وقال ابو عبيدة : كل من دان لملك ، فهو عابد له ، ومنه سمي أهل الحيرة العباد ، لأنهم كانوا يطيعون ملوك العجم . قال الحسن : كان بنوا إسرائيل يعبدون فرعون وفرعون يعبد الأوثان . ثم اخبر عنهم انهم كذبوا موسى وهارون ، فكان عاقبة تكذيبهما أن اهلكهم الله وغرقهم . والاهلاك إلقاء الشيء بحيث لا يحس به ، فهؤلاء هلكوا بالعذاب ويقال للميت : هالك من هذا المعنى . ثم اقسم تعالى انه آتى موسى الكتاب يعني التوراة التى فيها ما يحتاجون اليه لكي يهتدوا إلى طريق الحق ، من معرفة الله وخلع الانداد . وقوله { وجعلنا ابن مريم وأمه آية } معناه جعلناهما حجة ، على أنه تعالى قادر على اختراع الاجسام من غير شيء ، كما اخترع عيسى من غير أب . والاية - ها هنا - فى عيسى ( ع ) أنه ولد من غير فحل ، ونطق فى المهد . وفى أمه أنها حملته من غير ذكر وبرأها كلامه في المهد من الفاحشة . وقوله { وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين } يقال : آوى اليه يأوي ، وآواه غيره يؤويه ايواء أي جعله مأوى له . ( والربوة ) المكَان المرتفع على ما حوله ، ويجوز ضم الراء وفتحها وكسرها ، وبالفتح قرأ عاصم وابن عامر . الباقون بالضم أيضاً . ولم يقرأ احد بالجر . ويقال : رباوة بفتح الراء وكسرها والف بعد الباء . فصار خمس لغات . والربوة التى أويا اليها هي الرملة - فى قول ابي هريرة - وقال سعيد بن المسيب : هي دمشق ، وقال ابن زيد : هي مصر . وقال قتادة هي بيت المقدس . وقال ابو عبيدة : يقال : فلان فى ربوة من قومه أي فى عز وشرف ، وعدد . وقوله { ذات قرار } أي تلك الربوة لها ساحة وسعة أسفل منها . و { ذات معين } أي ماء جار ، ظاهر بينهم . وقيل : معنى { ذات قرار } ذات استواء يستقر عليه . ومعين ماء جار ظاهر للعيون - في قول سعيد والضحاك - وقال قتادة { ذات قرار } ذات ثمار ، ذهب إلى انه لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها . ومعين ( مفعول ) من عنته اعينه ، ويجوز أن يكون ( فعيلا ) من معن يمعن ، وهو الماعون ، وهو الشيء القليل - فى قول الزجاج - قال الراعي : @ قوم على الاسلام لما يمنعوا ما عونهم ويبدلوا التنزيلا @@ قيل معناه وفدهم . وقيل : زكاتهم . وأمعن في كذا إذا لم يترك منه إلا القليل . وقال الفراء : المعن الاستقامة . قال عبيد بن الابرص : @ واهية او معين ممعن أو هضبة دونها لهوب @@ واحدها لهب ، وهو شق فى الجبل ، واهية أي وهت . ومطر ممعن أي مار .