Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 91-95)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ { عالم الغيب } بالجر ابن كثير وأبو عمرو ، وابن عامر وحفص عن عاصم . الباقون بالرفع . من جر رده على قوله { سبحان الله … عالم الغيب } فجعله صفة لله . ومن رفعه ، فعلى تقدير هو { عالم الغيب } . يقول الله تعالى مخبراً أنه لم يتخذ ولداً اي لم يجعل ولد غيره ولد نفسه ، لاستحالة ذلك عليه ، لانه محال أن يكون له ولد ، فلا يجوز التشبيه بما هو مستحيل ممتنع إلا على النفي والتبعيد . واتخاذ الولد : أن يجعل الجاعل ولد غيره يقوم مقام ولده لو كان له . وكذلك التبني إنما هو جعل الجاعل ابن غيره يقوم مقام ابنه الذي يصح أن يكون ولداً له . ولذلك لا يقال : تبنى شاب شيخاً ، ولا تبنى الانسان بهيمة ، لما استحال ان يكون ذلك ولداً له ، ولا يجوز أن يقال : اتخذه ولداً ، اذا اختصه بضرب من المحبة ، لأن فى ذلك إخراج الشيء عن حقيقته كما أن تسمية ما ليس بطويل عريض عميق جسماً إخراج له عن حقيقته . ثم اخبر انه كما لم يتخذ ولداً ، لو يكن معه إله . وهذا جواب لمحذوف ، وتقديره : لو كان معه إله آخر { إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض } وفيه إلزام لمن يعبد الاصنام . وقوله { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } دليل عام في نفي مساو للقديم فيما يقدر عليه من جميع الاجناس والمعاني . ومعنى { إذاً لذهب كل إله بما خلق } أي لانفرد به ولحوله من خلق غيره ، لانه لا يرضى أن يضاف خلقه وانعامه الى غيره . فان قيل : لم لا يكون كل واحد منهم حكيماً ، فلا يستعلي على حكيم غيره ؟ قلنا : لانه إذا كان جسماً وكل جسم محتاج ، جاز منه أن يستعلي لحاجته ، بل لا بد من أن يقع ذلك منه ، لانه ليس له مدبر يلطف له حتى يمتنع من القبيح الذي يحتاج اليه ، كما يلطف الله لملائكته وانبيائه بما في معلومه انهم يصلحون به . ثم نزه نفسه تعالى عن اتخاذ الولد وأن يكون معه إله غيره ، فقال { سبحان الله عما يصفون } من الاشراك معه ، واتخاذ الولد له . وقوله { عالم الغيب والشهادة } فلذلك يأتي بالحق ، وهم يأتون بالجهل . ويحتمل ان يكون معناه إن عالم الغيب والشهادة لا يكون له شريك ، لانه أعلى من كل شيء فى صفته . قال الحسن : هو ردّ لقول المشركين : الملائكة بنات الله . وقال الجبائي : فى الآية دلالة على انه يجوز ان يدعو الانسان بما يعلم انه يكون لا محالة وأن الله لا بد أن يفعله . ثم قال تعالى { فتعالى عما يشركون } أي تعاظم الله عن ان يشرك هؤلاء الكفار معه من الاصنام والاوثان . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { قل رب إما تريني ما يوعدون } ومعناه إن أريتني ما وعد هؤلاء الكفار به من العذاب والاهلاك . فقل يا { رب فلا تجعلني في القوم الظالمين } أي لا تجعلني فى جملة من يشملهم العذاب بظلمهم ، وتقديره : إن انزلت بهم النقمة ، فاجعلني خارجاً منهم . فقال الله تعالى { وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون } معناه إن ما وعدتهم به من العذاب والاهلاك على كفرهم قادر عليه ، لكني لا أفعله وأؤخره الى يوم القيامة لما في تأخيره من المصلحة .