Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 27-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين ينهاهم أن يدخلوا بيوتاً لا يملكونها ، وهي ملك غيرهم إلا بعد أن يستأنسوا ، ومعناه يستأذنوا ، والاستئناس الاستئذان - في قول ابن عباس وابن مسعود وابراهيم وقتادة - وكأن المعنى يستأنسوا بالاذن . وروي عن ابن عباس أنه قال : القراءة { حتى تستأذنوا } وانما وهم الكتاب . وهو قول سعيد ابن جبير ، وبه قرأ أبي بن كعب . وقال مجاهد : حتى تستأنسوا بالتنحنح والكلام الذي يقوم مقام الاستئذان . وقد بين الله تعالى ذلك في قوله { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا } قال عطاء : وهو واجب في أمه وسائر أهله والاستئناس طلب الانس بالعلم أو غيره ، كقول العرب : اذهب فاستأنس هل ترى احداً ، ومنه قوله { فإن آنستم منهم رشداً } اي علمتم . وقوله { وتسلموا على أهلها } معناه على أهل البيوت ينبغي أن تسلموا عليهم وإذا أذنوا لكم فى الدخول فادخلوها . وروى ابو موسى عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " الاستئذان ثلاث ، فان اذنوا ، وإلا فارجع " فدعاه عمر ، فقال لتأتيني بالبينة وإلا عاقبتك ، فمضى أبو موسى ، فأتى بمن سمع الحديث معه . والفرق بين الاذن في الدخول ، وبين الدعاء اليه ، أن الدعاء اليه ، يدل على ارادة الداعي ، وليس كذلك الاذن . وفى الدعاء رغبة الداعي او المدعو ، وليس كذلك الاذن وقوله { ذلكم خير لكم } يعني الاستئذان خير لكم من تركه ، لتتذكروا في ذلك ، فلا تهجموا على العورات . وقوله { فإن لم تجدوا فيها أحداً } يعني ان لم تعلموا فى البيوت احداً يأذن لَكم فى الدخول " فلا تدخلوها " لانه ربما كان فيما ما لا يجوز أن تطلعوا عليه إلا بعد أن يأذن اربابها في ذلك ، يقال : وجد اذا علم . وقوله { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا } أي لا تدخلوا إذا قيل لكم : لا تدخلوا ، فان ذلك { أزكى لكم } اي اطهر { والله بما تعملون عليم } أي عالم بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها . ثم قال { ليس عليكم جناح } أي حرج وإثم { ان تدخلوا بيوتاً غيرمسكونة فيها متاع لكم } أي منافع . وقيل : في معنى هذه البيوت أربعة اقوال : احدها - قال قتادة : هي الخانات ، فان فيها استمتاعاً لكم من جهة نزولها ، لا من جهة الأثاث الذي لكم فيها . والثاني - قال محمد بن الحنفية : هي الخانات التي تكون في الطرق مسبلة . ومعنى { غير مسكونة } اي لا ساكن لها معروف . والثالث - قال عطاء : هي الخرابات للغائط والبول . والرابع - قال ابن زيد : هي بيوت التجار التي فيها امتعة الناس . وقال قوم : هي بيوت مكة . وقال مجاهد : هي مناخات الناس فى اسفارهم يرتفقون بها . وقال قوم : هي جميع ذلك حملوه على عمومه لأن الاستئذان إنما جاء لئلا يهجم على ما لا يجوز من العورة . وهو الأقوى ، لأنه اعم فائدة . وقوله { والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } اي لا يخفى عليه ما تظهرونه ، ولا ما تكتمونه ، لانه عالم بجميع ذلك . ثم خاطب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال { قل } يا محمد { للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } عن عورات النساء وما يحرم النظر اليه . وقيل : العورة من النساء ما عدا الوجه والكفين والقدمين ، فأمروا بغض البصر عن عوراتهن ، ودخلت ( من ) لابتداء الغاية . ويجوز ان تكون للتبعيض ، والمعنى أن يطرق وإن لم يغمض . وقيل : العورة من الرجل العانة الى مستغلظ الفخذ من أعلى الركبة ، وهو العورة من الاماء ، قالوا : ويدل على ان الوجه والكفين والقدمين ليس من العورة من الحرة ، ان لها كشف ذلك فى الصلاة ، وإذا كانت محرمة مثل ذلك ، بالاجماع ، والقدمان فيهما خلاف . وقوله { ويحفظوا فروجهم } أمر من الله تعالى أن يحفظ الرجال فروجهم عن الحرام ، وعن إبدائها حيث ترى فانهم متى فعلوا ذلك كان ازكى لاعمالهم عند الله وإن الله خبير بما يعملون ويصنعون اي عالم بما يعملونه اي على اي وجه يعملونه . وقال مجاهد : قوله { فإن لم تجدوا فيها أحداً } معناه فان لم يكن لكم فيها متاع ، فلا تدخلوها إلا باذن ، فان قيل لكم ارجعوا فارجعوا ، وهذا بعيد ، لان لفظة { أحد } لا يعبر بها إلا عن الناس ، ولا يعبر بها عن المتاع .