Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 31-34)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى قوله { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين } قيل فيه قولان : احدهما - قال ابن عباس : جعل لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) عدوا من المجرمين ، كما جعل لمن قبله . والثاني - كما جعلنا النبي يعادي المجرم مدحاً له وتعظيما ، كذلك جعلنا المجرم يعادي النبي ذماً له وتحقيراً . والمعنى إن الله تعالى حكم بأنه على هذه الصفة . وقيل { جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين } ببياننا أنهم أعداؤهم ، كما يقال جعله لصاً أو خائناً . وقيل : معناه أمرنا بأن يسموهم أعداء . والجعل وجود ما به يصير الشيء على ما لم يكن ، ومثله التصيير ، والعدو المتباعد من النصرة للبغضة ، ونقيضه الولي ، واصله البعد . ومنه عدوتا الوادي أي جانباه ، لانهما بعداه ونهايتاه ، وعدا عليه يعدو عدواً اذا باعد خطوة للايقاع به ، وتعدى فى فعله إذا أبعد في الخروج عن الحق . ثم قال تعالى { وكفى بربك } يا محمد { هادياً ونصيراً } اي حسبك الله الهادي الى الحق ، والناصر على العدو ، و { هادياً } منصوب على الحال أو التمييز ، فالحال كفى به في حال الهداية والنصرة ، والتمييز من الهادين والناصرين - ذكره الزجاج - ولا يقدر أحد أن يهدي كهداية الله ، ولا أن ينصر كنصرته ، فلذلك قال { وكفى بربك هادياً ونصيراً } ثم حكى أنّ الكفار ، قالو { لولا } اي هلا { نزل عليه القرآن } على النبي { جملة واحدة } فقيل لهم إن التوراة انزلت جملة ، لانها أنزلت مكتوبة على نبي يكتب ويقرأ وهو موسى ، واما القرآن ، فانما انزل متفرقاً ، لأنه أنزل غير مكتوب على نبي أمي ، وهو محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وقيل : انما لم ينزل جملة واحدة ، لان فيه الناسخ والمنسوخ ، وفيه ما هو جواب لمن سأل عن أمور ، وفيه ما هو إنكار لما كان . وفي الجملة المصلحة معتبرة فى إنزال القرآن ، فاذا كانت المصلحة تقتضي انزاله متفرقاً كيف ينزل جملة واحدة ! ؟ فقال الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) إنا أنزلناه متفرقاً { لنثبت به فؤادك } وقال ابو عبيدة : معناه لنطيب به نفسك ونشجعك . وقوله { ورتلناه ترتيلاً } فالترتيل التبيبن فى تثبت وترسل . وقوله { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق } أي لم ننزل القرآن جملة واحدة لانهم لا ياتونك بشيء يريدون به ابطال امرك { إلا جئناك بالحق } الذي يبطله { وأحسن تفسيراً } أي نجيؤك بأحسن تفسيراً مما يأتونك به واجود معاني . ثم قال { الذين يحشرون على وجوههم } يوم القيامة { إلى جهنم } يعني الكفار يسحبون على وجوههم . وفى الحديث أن الذي امشاهم على أقدامهم ، قادر على أن يمشيهم على وجوههم . ثم أخبر تعالى عن هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم بأنهم { شر مكاناً وأضل سبيلاً } عن الحق وعن الثواب والجنة .