Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 56-60)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي لما " يأمرنا " بالياء . الباقون بالتاء . من قرأ - بالتاء - جعل الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقيل : معناه أنسجد لأمرك فجعلوا ( ما ) مع ما بعدها بمنزلة المصدر ، ومن قرأ - بالياء - جعل الياء لمسيلمة الكذاب ، لأنه كان يسمي نفسه الرحمن فقالوا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) إنا لا نعرف الرحمن إلا نبي اليمامة . فقال الله تعالى { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } وقال ابو علي : من قرأ - بالتاء - اراد انسجد لما تأمرنا يا محمد على وجه الانكار ، لأنهم أنكروا أن يعرف الرحمن ، فلا يحمل على رحمان اليمامة . يقول الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { ما أرسلناك } يا محمد { إلا مبشراً } بالجنة وثواب الله لمن أطاعه ومخوفاً لمن عصاه بعقاب الله . وقال الحسن : ما بعث الله نبياً قط إلا وهو يبشر الناس إن أطاعوا الله بالمتعة فى الدنيا والآخرة ، وينذر الناس إن عصوا عذاب الله فى الآخرة . والبشارة الاخبار عما يظهر سروره في بشرة الوجه ، تقول : بشره تبشيراً وبشارة . وبشارة الأنبياء مضمنة باخلاص العبادة لله تعالى . والنذارة هو الاخبار بما فيه المخافة ، ليحذر منه . انذره إنذاراً ونذارة ، وتناذر القوم إذا أنذر بعضهم بعضاً . ثم امره ، فقال : يا محمد { قل } لهؤلاء الكفار : إني لست اسألكم على ما أبشركم به واحذركم منه { أجراً } تعطوني { إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً } استثناء من غير الجنس ، ومعناه انه جعل أجره على دعائه اتخاذ المدعو سبيلا الى ربه وطاعته اياه كقول الشاعر : @ وبلدة ليس بها انيس إلا اليعافير وإلا العيس @@ جعلها انيس ذلك المكان . وقيل : { إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً } بانفاقه ماله في طاعة الله ، وابتغاء مرضاته . ثم امره ان يتوكل على ربه { الحي الذي لا يموت } والمراد به جميع المكلفين لأنه يجب على كل أحد ان يتوكل على الله ، ويسلم لأمره ، ومعنى { وسبح بحمده } أي احمده منزهاً له مما لا يجوز عليه في صفاته ، بان تقول : الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله على نعمه واحسانه الذي لا يقدر عليه غيره ، الحمد لله حمداً يكافئ نعمه في عظم المنزلة وعلوّ المرتبه ، وما اشبه ذلك . وقوله { وكفى به } اي كفى الله { بذنوب عباده خبيراً } أي عالماً { الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما } يعني بين هذين الصنفين ، كما قال القطامي : @ ألم يحزنك أن جبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا @@ وقال الآخر : @ إن المنية والحتوف كلاهما توقي المحارم يرقبان سوادي @@ وقوله فى ستة أيام قيل : كان ابتداء الخلق يوم الأحد ، وانتهاؤه يوم الجمعة { ثم استوى على العرش } وقيل { ثم استوى على العرش } تمام الحكاية . ثم ابتدأ فقال { الرحمن فسأل به خبيراً } ومعنى { فسأل به خبيراً } أي فاسأل سؤالك إياه خبيراً ، قال ابن جريج : الخبير - ها هنا - هو الله . وقيل معناه فاسأل به ايها الانسان عارفاً يخبرك بالحق في صفته . ثم حكى انه إذا قيل لهؤلاء الكفار { اسجدوا للرحمن } الذي انعم عليكم { قالوا وما الرحمن } أي أيّ شيء الرحمن ؟ أي لا نعرفه { أنسجد لما تأمرنا } وقد فسرناه { وزادهم نفوراً } أي ازدادوا عند ذلك نفوراً عن قبول قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والرجوع الى طاعة الله .