Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 61-65)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي " سرجاً " على الجمع . الباقون " سراجاً " على التوحيد . وقرأ حمزة وحده " أن يذكر " خفيفة . الباقون بالتشديد . من قرأ على التوحيد فلقوله { وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً } . ومن قرأ على الجمع ، فلقوله { زينا السماء الدنيا بمصابيح } تشبيهاً بالكواكب أعني المصابيح كما شبهت المصابيح بالكواكب ، في قوله { الزجاجة كأنها كوكب دري } وقيل : من وحد أراد الشمس وحدها . ومن جمع أراد الكواكب المضيئة كلها . واتفقوا على { وقمراً } إلا الحسن ، فانه قرأ - بضم القاف والميم - ويجوز أن يكون فيه لغتان مثل ( ولد ، وولد ) ويجوز أن يكون أراد الجمع غير ان العرب لا تعرف جمع القمر قمراً ، وانما يجمعونه أقماراً . قوله تعالى { تبارك } قيل في معناه قولان : احدهما - تقدس الله ، وجل بما هو ثابت لم يزل ولا يزال ، لان أصل الصفة الثبوت . والثاني - انه من البركة ، والتقدير جل تعالى ، وتقدس بما به يقدر على جميع البركات { الذي جعل في السماء بروجاً } والبروج منازل النجوم الظاهرة ، وهي اثنتا عشرة برجاً معروفة أولها الحمل وآخرها الحوت . وقيل : البروج منازل الشمس والقمر ، وقال ابراهيم : البروج القصور العالية ، واحدها برج ، ومنه قوله { ولو كنتم في بروج مشيدة } قال الاخطل : @ كأنها برج رومي يشيده لزّ بحص وآجرّ واحجار @@ وقال قتادة : البروج النجوم . وقال أبو صالح : هي كبار النجوم ، والبرج تباعد ما بين الحاجبين قال : الزجاج : كل ظاهر مرتفع يقال له : برج ، وسميت الكواكب بروجاً لظهورها . وقوله { وجعل فيها سراجاً } يعني الشمس التي يستضيء بها جميع الخلق . وقوله { وقمراً منيراً } أي مضيئاً بالليل ، اذا لم يكن شمس . فمن قرأ { سراجاً } أراد الشمس وحدها . ومن قرأ { سرجاً } أراد جميع النجوم ، لأنه يهتدى بها ، كما يهتدى بضوء السراج . وقوله { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة } أى يخلف كل واحد منهما صاحبه ، فيما يحتاج أن يعمل فيه ، فمن فاته الليل استدركه بالنهار ، ومن فاته عمل النهار استدركه بالليل . قال عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، والحسن : يخلف احدهما الآخر فى العمل . وقال مجاهد : معناه أحدهما اسود الآخر ابيض ، فهما مختلفتان . وقال ابو زيد : معناه احدهما يذهب ويجيء الآخر قال زهير : @ بها العين والأرآم يمشين خلفة واطلاؤها ينهضن من كل مجثم @@ وقوله { لمن أراد أن يذكر } اى خلقناه كذلك لمن أراد ان يتفكر ويستدل بها على ان لها مدبراً ومصرّفاً ، لا يشبهها ولا تشبهه فيوجه العبادة اليه . وقوله { أو أراد شكوراً } أى يشكر الله ، على ما انعم به عليه فيتمكن من ذلك ، لان بهذه الأدلة وامثالها يتوصل الى ما قلناه . وقوله { وعباد الرحمن } يعني عباده المخلصين ، الذين يعبدونه ، المعظمون ربهم { الذين يمشون على الأرض هوناً } يعني بالسكينة والوقار - فى قول مجاهد - وقال الحسن : معناه حلماً وعلماً ، لا يجهلون وإن جهل عليهم . وقال ابن عباس : بالتواضع لا يتكبرون على أحد { وإذا خاطبهم الجاهلون } بما يكرهونه أو يثقل عليهم ، قالوا في جوابه { سلاماً } أى سداداً من القول - ذكره مجاهد - وقيل : معناه إنهم قالوا قولا يسلمون به من المعصية لله . وقال قوم : هذا منسوخ بآية القتال . وليس الأمر على ذلك ، لان الأمر بالقتال لا ينافي حسن المحاورة في الخطاب وحسن العشرة . وقوله { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً } يعني يعبدون الله في لياليهم ويقومون بالصلاة ، ويسجدون فيها { والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً } أي يدعون بهذا القول ، ومعنى { غراماً } لازماً ملحاً دائماً ومنه الغريم ، لملازمته وإلحاحه ، وفلان مغرم بالنساء أي ملازم لهن ، لا يصبر عنهن قال الشاعر : @ إن يعاقب يكن غراماً وإن يعـ ـط جزيلا فانه لا يبالي @@ وقال بشر بن ابي حازم : @ فيوم النسار ويوم الجفا ركانا عذاباً وكانا غراماً @@ وقال الحسن : ليس غريم إلا مفارق غريمه غير جهنم ، فانها لا تفارق غريمها .