Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 21-25)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى حاكياً عن موسى أنه قال لفرعون : إني فررت منكم لما خفتكم ، فالفرار الذهاب على وجه التحرز من الادراك ، ومثله الهرب : فر يفر فراراً ، ومنه يفتر أي يضحك ، لانه يباعد بين شفتيه مباعدة الفرار . وقوله { فوهب لي ربي حكماً } فالهبة الصلة بالنائل . وهب له يهب هبة فهو واهب ، واستوهبه كذا إذا سأله هبته ، وتواهبوا ما بينهم إذا اسقطوها عنهم على جهة الهبة . والحكم العلم بما تدعو اليه الحكمة ، وهو الذي وهبه الله تعالى لموسى من التوراة . والعلم بالحلال والحرام وسائر الاحكام . والخبر عما يدعو اليه الحكم ايضاً يسمى حكما . والحكم - ها هنا - أراد به النبوة - في قول جماعة من المفسرين - وقوله { وجعلني من المرسلين } أي جعلني الله نبياً من جملة الانبياء . وقوله { وتلك نعمة تمنها عليّ أن عبدت بني إسرائيل } قيل في معناه قولان : احدهما - ان اتخاذاك بني اسرائيل عبيداً قد أحبط ذلك ، وإن كانت نعمة عليّ . الثاني - إنك لما ظلمت بني اسرائيل ولم تظلمني عددتها نعمة عليّ ؟ ! وقيل قول ثالث - انه لا يوثق بأنها نعمة منك مع ظلمك بني اسرائيل في تعبيدهم ، وفى كل ذلك دلالة وحجة عليه ، وتقريع له . ويجوز في { أن } النصب بمعنى لتعبيدك بني اسرائيل ، والرفع بالرد على النعمة أي على تعبيدك بني اسرائيل . والتعبيد اتخاذ الانسان أو غيره عبداً تقول عبدته وأعبدته بمعنى واحد ، قال الشاعر : @ علام يعبد في قومي وقد كثرت فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان @@ وقال الجبائى بين أنه ليس لفرعون عليه نعمة ، لان الذي تولى تربيته أمه وغيرها من بني اسرائيل بأمر فرعون لما استعبدهم . وقال الحسن : أراد أخذت أموال بني اسرائيل ، واتخذتهم عبيداً فأنفقت عليّ من أموالهم . فاراد أن لا يسوّغه ما امتن به عليه . وقال قوم : أراد أو تلك نعمة ؟ ! مستفهماً واسقط حرف الاستفهام . وقوله تعالى { قال فرعون وما رب العالمين } حكاية من الله أن فرعون قال لموسى أي شيء رب العالمين الذي تدعوني إلى عبادته ، لان هذا القول من فرعون يدل على ان موسى كان دعاه إلى طاعة الله وعبادته . وقيل : ان فرعون عجب من حوله من جواب موسى ، لانه طلب منه أي أجناس الاجسام هو ؟ جهلا منه بما ينبغي أن يسأل عنه ، فقال موسى في جوابه { رب السماوات والأرض وما بينهما } أي رب العالمين هو الذي اخترع السموات والارض وخلقهما ، وخلق ما بينهما من الحيوان والجماد والنبات { إن كنتم موقنين } بذلك مصدقين به فقال فرعون - عند ذلك - لمن حوله من أصحابه { ألا تستمعون } أي ألا تصغون اليه ، وتفهمون ما يقول معجباً لهم من قوله ، حين عجز عن محاورته ومجاوبته .