Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 46-50)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أهل الكوفة إلا حفصاً وروح { أأمنتم } بهمزتين مخففتين على الاستفهام . وروى حفص وورش ورويس بهمزة واحدة على الخبر . الباقون بهمزتين الأولى مخففة والثانية ملينة . ولم يفصل أحد بين الهمزتين بألف . وقد بينا نظائره فيما تقدم في الاعراف . حكى الله تعالى أن السحرة لما بهرهم ما أظهره موسى ( ع ) من قلب العصا حية وتلقفها جميع ما اتعبوا نفوسهم فيه علموا أن ذلك من فعل الله ، وأن احداً من البشر لا يقدر عليه فآمنوا عند ذلك ، وأذعنوا للحق وخروا ساجدين لله شكراً على ما أنعم به عليهم ووفقهم للايمان ، وأنهم قالوا عند ذلك { آمنا } وصدقنا { برب العالمين } الذي خلق الخلق كلهم ، الذي هو { رب موسى وهارون } وإنما خص رب موسى وهارون بالذكر دون غيرهما ، وان كان رب كل شيء ، للبيان عن المعني الذي دعا إلى ربوبيته موسى وهارون ، لأن الجهال كانوا يعتقدون ربوبية فرعون ، فكان إخلاصهم على خلاف ما يقوله الأغبياء ، والمعنى الذي ألقاهم ساجدين قيل فيه قولان : احدهما - إن الحق الذي عرفوه القاهم ساجدين . الثاني - انهم ألقوا نفوسهم ساجدين لما عرفوا من صحة الدعاء إلى الدين . فقال عند ذلك فرعون مهدداً لهم { أأمنتم له } أي صدقتم له فيما يدعو اليه منكراً عليهم { قبل أن آذن لكم } في تصديقكم . ثم قال { إنه لكبيركم } أي استاذكم وعالمكم { الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون } فيما بعد ما افعله بكم جزاء على تصديقكم إياه ، ودخلت اللام في الكلام تأكيداً ، ثم فسر ذلك ، فقال { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف } يعني قطع اليد من جانب ، والرجل من الجانب الآخر كقطع الرجل اليسرى واليد اليمنى { ولأصلبنكم } مع ذلك { أجمعين } على الجذوع ، ولا أترك واحداً منكم ، لا تتناله عقوبتي ، فقالوا له في الجواب عن ذلك { لا ضير } أي لا ضرر علينا بما تفعله يقال : ضره يضره ضراراً ، وضاره يضير ضيراً ، وضاره يضوره ضوراً لغة قليلة . وقوله { إنا إلى ربنا منقلبون } أي مصيرنا إلى ثواب الله لا يضرنا ما تفعله بنا . وقال الجبائي : في الآية دلالة على ان للانسان أن يظهر الحق وإن خاف القتل . وقال الحسن : لم يصل فرعون إلى قتل أحد منهم ولا قطعه . وقال قوم : أول من قطع الايدي والارجل فرعون .