Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 4-5)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما بين الله تعالى حرص النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على إيمان قومه ، واجتهاده بهم حتى كاد أن يقتل نفسه تأسفاً على تركهم الايمان ، أخبره بأنه قادر على أن ينزل عليهم آية ودلالة من السماء تظل اعناقهم لها خاضعة بأن تلجئهم إلى الايمان ، لكن ذلك نقيض الغرض بالتكليف ، لأنه تعالى لو فعل ذلك ، لما استحقوا ثواباً ولا مدحاً ، لأن الملجأ لا يستحق الثواب والمدح على فعله ، لأنه بحكم المفعول فيه . وقيل : المراد بالاعناق الرؤساء . وقال قتادة : المعنى لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية . وقيل في وجه جمع { خاضعين } بالياء والنون وهو صفة ( الاعناق ) والاعناق لا تعقل ، وهذا الجمع يختص بمن يعقل قيل فيه أربعة أقوال : احدها - فظل اصحاب الاعناق لها خاضعين ، وحذف المضاف ، واقام المضاف اليه مقامه لدلالة الكلام عليه . الثاني - انه أراد بالاعناق الرؤساء والجماعات ، كما يقال جاءه عنق من الناس أي جماعة . الثالث - ان يكون على الاقحام . قال ابو عبيدة ، والمبرد { خاضعين } من صفة الهاء والميم ، في قوله { أعناقهم } كما قال جرير : @ أرى مرّ السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال @@ فعلى هذا يكون ترك الاعناق وأخبر عن الهاء والميم ، وتقديره فظلوا خاضعين لها والاعناق مقحمة . الرابع - أنها ذكرت بصفة من يعقل لما نسب اليها ما يكون من العقلاء كما قال الشاعر : @ تمززتها والديك يدعو صياحه إذا ما بنوا نعش دنوا فتصوّبوا @@ ويروي نادى صباحه . ثم اخبر تعالى عن هؤلاء الكفار الذين تأسف النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على عدولهم عن ايمانهم انه ليس يأتيهم ذكر من الرحمن يعني القرآن . كما قال تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وقال { إن هو إلا ذكر وقرآن مبين } ووصفه بأنه محدث ، ولذلك جره ، لانه صفة لـ ( ذكر ) . وقوله { إلا كانوا عنه معرضين } أي يتولون عنه ولا ينظرون فيه . قال الفراء : انما قال { فظلت } ولم يقل " فتظل " لانه يجوز أن يعطف على مجزوم الجزاء بـ ( فعل ) لان الجزاء يصلح في موضع ( فعل ، يفعل ) وفي موضع ( يفعل ، فعل ) لانك تقول : إن زرتني زرتك وإن تزرني أزرك ، والمعنى واحد