Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 27-31)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما سمع سليمان ما اعتذر به الهدهد في تأخره بما قصه الله تعالى وذكرناه قال عند ذلك { سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين } في قولك الذي أخبرتنا به فأجازيك بحسب ذلك . وإنما لم يقل : أصدقت أم كذبت ، وقال : أم كنت من الكاذبين ، لأنه أليق في الخطاب ، لأنه قد يكون من الكاذبين بالميل اليهم وقد يكون منهم بالقرابة التي بينه وبينهم . وقد يكون منهم بأن يكذب كما كذبوا ومثل ذلك في الخطاب ولينه قولهم : ليس الأمر على ما تقول ، فهو ألين من كذبت ، لأنه قد يكون ليس كما تقول من جهة الغلط الذي لا يوصف بالصدق ولا بالكذب . ثم أمر سليمان الهدهد بأن يذهب بكتابه الذي كتبه له وأشار اليه بقوله { هذا فألقه إليهم ثم تولى عنهم فانظر ماذا يرجعون } وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره فالقه اليهم فانظر ماذا يرجعون ، ثم تولا عنهم ، وهذا لا يحتاج اليه ، لأن الكلام صحيح على ما هو عليه من الترتيب . والمعنى فألقه اليهم ثم تول عنهم قريباً منهم ، فانظر ماذا يرجعون - على ما قال وهب بن منية وغيره - فانهم قالوا معنى { تول عنهم } استتر عنهم ، وفي الكلام حذف ، لان تقديره فمضى الهدهد بالكتاب . وألقاه اليهم ، فلما رأته قالت لقومها { يا أيها الملأ } وهم أشراف اصحابها { إني ألقي إليّ كتاب كريم } ومعنى كريم أنه حقيق بأن يوصل الخير العظيم من جهته ، فلما رأت آثار ذلك في كتاب سليمان وصفته بأنه كريم . وقيل : أرادت بـ ( كريم ) انه من كريم يطيعه الانس والجن والطير . والهاء في قوله { إنه من سليمان } كناية عن الكتاب ، والهاء في قوله { وإنه بسم الله الرحمن الرحيم } كناية عما في الكتاب . وقيل : إنه كان مختوماً ، فلذلك وصفته بأنه كريم . وقوله { بسم الله الرحمن الرحيم } حكاية ما قالته على المعنى باللغة العربية ، وإن كانت لم تقل هي بهذا اللفظ ، والحكاية على ثلاثة اوجه : حكاية على المعنى فقط ، وحكاية على اللفظ فقط من غير أن يعلم معناه . وحكاية على اللفظ والمعنى وهو الأصل في الحكاية التي لا يجوز العدول عنها إلا بقرينة . وموضع { ان لا تعلوا } يجوز أن يكون رفعاً بالبدل من ( كتاب ) ويحتمل النصب على معنى بأن لا تعلوا . والعلو على الشيء طلب القهر له بما يكون به بحسب سلطانه " لا تعلوا علي " أي لا تطلبوا تلك الحال ، فانكم لا تنالونها مني ، { وأتوني مسلمين } يحتمل وجهين : احدهما - واتوني مؤمنين بالله ورسوله . الثاني - مستسلمين لأمري فيما أدعوكم اليه فاني لا أدعو إلا إلى الحق .