Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 36-40)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة ويعقوب { أتمدوني } بنون واحدة مشددة على الادغام وياء ثابتة في الوصل والوقف . الباقون بنونين . اخبر الله تعالى إن الهدية التي أنفذت بها المرأة ، لما وصلت اليه ، قال لموصلها { أتمدونني بمال } والامداد الحاق الثاني بالأول ، والثالث بالثاني إلى حيث ينتهي . والمعنى لست أرغب في المال الذي تمدونني به ، وإنما أرغب في الايمان الذي دعوتكم اليه والاذعان بالطاعة لله ورسوله . ثم قال { فما آتاني الله خير مما آتاكم } بالتمكين من المال الذي لي أضعافه واضعاف أضعافه إلى ما شئت منه . ثم قال لهم { بل أنتم بهديتكم تفرحون } أي ما يهدى اليكم ، لانكم أهل مفاخرة في الدنيا ومكاثرة . وقيل بهديتكم التي اهديتموها اليّ تفرحون . والهدية العطية على جهة الملاطفة من غير مئابة ، تهدى هدية ، لانها تساق إلى صاحبها على هداية ، فالاصل الهداية وهي الدلالة على طريق الرشد . ثم حكى ما قال سليمان لرسولها الذي حمل الهدية { ارجع إليهم } وقل لهم { فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها } أي لا طاقة لهم بهم ولا يقدرون على مقاومتهم { ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون } فالذليل هو الناقص القوة في نفسه بما لا يمكنه أن يدفع غيره عن نفسه . والصاغر هو الذليل الصغير القدر المهين ، يدل على معنى التحقير بشيئين ، ونقيض الذليل العزيز وجمعه أعزة ، . جمع الذليل أذلة . ثم حكى تعالى أن سليمان قال لاشراف عسكره وأماثلة جنده { أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين } فاختلفوا في الوقت الذي قال سليمان { أيكم يأتيني بعرشها } فقال قوم قال ذاك حين جاءه الهدهد بالخبر ، وهو الوقت الأول لأنه يبين به صدق الهدهد من كذبه ، ثم كتب الكتاب بعد - في قول ابن عباس - وقال وهب بن منية : انما قال ذلك بعد مجيء الرسل بالهدية . واختلفوا في السبب الذي لأجله خص بالطلب فقيل لانه أعجبته صفته فأحب أن يراه ، وكان من ذهب وقوائمه مكلل من جوهر ، على ما ذكره قتادة . وقال ابن زيد : لأنه أحب أن يعاينها ويختبر عقلها إذا رأته اتثبته أم تنكره . وقيل : ليريها قدرة الله في معجزة ، يأتي بها في عرشها . واختلفوا في معنى { مسلمين } فقال ابن عباس : معناه طائعين مستسلمين وقال ابن جريج : هو من الاسلام الذي هو دين الله الذي أمر به عباده . ثم حكى تعالى انه أجاب سليمان عفريت من الجن . ومعنى عفريت مارد قوي داهية ، يقال : عفريت وعفرية ، ويجمع عفاريت وعفاري . قال سيبويه : هو مأخوذ من العفر . والمعنى كل سديد في مذهبه من الدهاء والنكارة والنجابة يقال : رجل عفرية نفرية على وزن ( زبينة ) لواحد الزبانية . وقوله { أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك } أي من مجلسك الذي تقضي فيه - في قول قتادة - { وإني عليه } يعني على الاتيان به في هذه المدة { لقوي أمين } وفى ذلك دلالة على بطلان قول من يقول : القدرة تتبع الفعل لأنه أخبر انه قوي عليه ، ولم يجيء بعد بالعرش . وقال ابن عباس : { أمين } على فرج المرأة . فقال عند ذلك { الذي عنده علم من الكتاب } قال ابن عباس وقتادة : هو رجل من الانس ، كان عنده علم إسم الله الأعظم الذى إذا دعي به أجاب . وقيل : يا إلهنا وإله كل شيء يا ذا الجلال والاكرام ، وقال الجبائي : الذى عنده علم من الكتاب سليمان ( ع ) . وقال ذلك للعفريت ليريه نعمة الله عليه . والمشهور عند المفسرين هو الأول . وقد ذكر أن إسمه اصف بن برخيا . وقيل : هو الخضر . وقال مجاهد : اسمه أسطوع . وقال قتادة : اسمه مليخا . وقوله { أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك } قيل في معناه قولان : احدهما - قال مجاهد : إن ذلك على وجه المبالغة في السرعة . الثانى - قال قتادة : معناه قبل أن يرجع اليك ما يراه طرفك . وقيل : قبل ان يرجع طرفك خاسئاً إذا فتحتها وادمت فتحها . وقيل : قبل أن تفتحها وتطبقها . وقيل : حمل العرش من مأرب إلى الشام في مقدار رجع البصر . وقيل : شقت عنه الارض فظهر . وقيل يجوز أن يكون الله اعدمه ثم اوجده في الثاني بلا فصل بدعاء الذي عنده علم من الكتاب ، وكان مستجاب الدعوة إذا دعا باسم الله الأعظم . ويكون ذلك معجزة له . وقال قوم : كان ذلك معجزة لسليمان . وفي الكلام حذف ، لان تقديره { أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك } فأتاه به { فلما رآه } سليمان { مستقراً عنده قال } معترفا بنعم الله عليه { هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر } أي أأشكر على نعمه أم أجحدها . ثم قال سليمان { ومن شكر فإنما يشكر لنفسه } لأن ثواب ذلك يعود عليه ومن جحد نعم الله فانما يضر نفسه ، لان عقاب ذلك يحل به { فإن الله غني } عن شكره وعن كل شيء { كريم } في انعامه على خلقه . وقرأ ابو عمرو ونافع وعاصم - في رواية حفص - { فما أتاني الله } - بفتح الياء - في الوصل . الباقون { فما آتان } بغير ياء في الوصل .