Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 56-60)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نصب { جواب قومه } بأنه خبر { كان } واسمعها { أن قالوا } ولا يجوز وقع جواب - ها هنا - لان ما بعد الايجاب وما قبلها نفي ، والنفي أحق بالخبر من الايجاب ، ومثله { ما كان حجتهم إلا قالوا } اخبر الله تعالى عن قوم لوط حين قال لهم لوط ما تقدم ذكره ، منكراً عليهم انه لم يكن لهم جواب عن ذلك ، بل عدلوا إلى أن قالوا ، بعضهم لبعض خرجوا لوطاً ومن تبعه { من قريتكم } فانهم { أناس يتطهرون } أى يتطهرون عن عملكم في إتيان الذكران من العالمين إذ تأمرونهم ، ويتنزهون عن ذلك ، فلا تجاوروهم وهذه صفتهم - وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة - فأخبر الله تعالى أنه أهلك هؤلاء القوم بأجمعهم وأنجى لوطاً وأهله الذين آمنوا به من ذلك الهلاك واستثنى من جملة أهله امرأته ، واخبر انه { قدرناها من الغابرين } أي جعلها من الغابرين لأن جرمها على مقدار جرمهم ، فلما كان تقديرها كتقديرهم في الاشراك بالله جرت مجراهم في انزال العذاب بهم . وقيل : { قدرناها } أي بما كتبنا إنها من الغابرين ، واخبر تعالى انه أمطر عليهم مطراً . قال الحسن : أمطرت الحجارة على من خرج من المدينة ، وخسف المدينة باهلها ، فهم يهوون إلى يوم القيامة { فساء مطر المنذرين } وهم الذين أبلغهم لوط النذارة ، وأعلمهم بموضع المخافة ليتقوها ، فخالفوا ذلك . ونقيض النذارة البشارة ، وهي الاعلام بموضع الأمن ليجتبى ، والنذير البشير ينذر بالنار ويبشر بالجنة . ثم قال لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قل يا محمد { الحمد لله } شكراً على نعمه بأن وفقنا للايمان { وسلام على عباده الذين اصطفى } يعني اجتباهم ، الله واختارهم يقال : صفا يصفو صفاء ، وأصفاه بكذا إصفاء ، واصطفاه اصطفاء ، ويصفى تصفياً وصفاء وتصفية ، وصافاه مصافاة . وقوله { أما يشركون } من قرأ - بالتاء - وجهه إلى انه خطاب لهم . ومن قرأ - بالياء - فعلى الخبر . وقوله { آلله خير أما } معناه خير لنا منا لأنفسا ، ولفظ أفعل لا يدخل إلا بين شيئين يشتركان في حكم ويفضل أحدهما على صاحبه ، وما يعبدون من دون الله لا خير فيه . قال ابو علي : يجوز أن يقع ذلك في الخير الذي لا شر فيه ، والشر الذي لا خير فيه . وإن كان يتوهم بعض الجهال الأمر على خلاف ما هو به ، فتقول : هذا الخير خير من الشر . وانكر على من خالف هذا . واجاز قوم من اهل اللغة ذلك على ما مضى القول فيه في غير موضع . ثم قال لهم : أمن الذي { خلق السماوات والأرض } بأن انشأها واحترعها { وأنزل لكم من السماء ماء } يعني غيثاً ومطراً { فأنبتنا به } بذلك الماء { حدائق } وهي جمع حديقة ، وهي البستان إذا كان عليه حائط يحوطه { ذات بهجة } انما وصف ( الحدائق ) بلفظ الواحد في قوله { ذات } لان معناه جماعة ذات بهجة . وقيل : الحديقة البستان الذي فيه النخل ، و ( البهجة ) منظر حسن ابتهج به إذا سر . ثم قال { ما كان لكم ان تنبتوا شجرها } أي لم تكونوا تقدرون على انبات شجر الحديقة ، لان الله تعالى هو القادر عليه لا غيره . ثم قال منكراً عليهم { أإله مع الله } يقدر على ذلك . ثم قال { بل هم قوم يعدلون } بالله غيره لجهلهم ، وقيل : يعدلون عن الحق . ومعنى الآية التنبيه على أن من قدر على انبات الحدائق ذات الشجر واخراج الشجر باكرم الثمار ، يجب اخلاص العبادة له ، وإن من عدل إلى الاشراك به كافر بهذه النعمة الخفية .