Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 61-65)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل البصرة وعاصم { عما يشركون } بالياء . الباقون بالتاء . وقرأ ابو عمرو وهشام وروح { قليلاً ما يذكرون } بالياء . الباقون بالتاء . من قرأ بالياء في الموضعين جعله للمخاطبين ومن قرأ بالتاء فالى الغائبين . يقول الله تعالى منبهاً على مواقع نعمه على خلقه ، ممتناً بها عليهم بأن قال { أمن } الذي { جعل الأرض قراراً } بأن أسكنها للاستقرار عليها ، وامكان التصرف عليها ، فمن جعلها كذلك لمصالح عباده بها على ما يحتاجون اليه منها عالم حكيم ، وهو أولى بالعبادة من الاصنام { وجعل خلالها أنهاراً } يعني خلال الأرض وهي المسالك في نواحيها { أنهاراً } جمع نهر وهي المجرى الواسع من مجاري الماء ، واصله الاتساع ، فمنه النهار لاتساع ضيائه ، ومنه انهار الدم إذا جرى ، كالنهر { وجعل لها رواسي } يعني الجبال الثابتة ، رست ترسو رسواً إذا ثبتت فلم تبرح من مكانها كالسفينة وغيرها ، ومنه المراسي . وقوله { وجعل بين البحرين حاجزاً } فالحاجز هو المانع بين الشيئين ، أن يختلط احدهما بالآخر ، وقد يكون ذلك بكف كل واحد منهما عن صاحبه . وفى ذلك دلالة على امكان كف النار عن الحطب ، حتى لا تحرقه ولا تسخنه كما كف الماء المالح عن الاختلاط بالعذب . ثم قال { أإله مع الله } يقدر على ذلك ، تبكيتاً لهم على الاشراك به . ثم قال { بل أكثرهم لا يعلمون } حقيقة ما ذكرناه لعدو لهم عن النظر في الدلالة المؤدية اليه . وقيل { بل أكثرهم لا يعلمون } ما لهم وعليهم في العبادة إن اخلصوها ، او اشركوا فيها . ثم قال { أم من يجيب المضطر إذا دعاه } فاجابة دعاء المضطر هو فعل ما دعا به ، لأجل طلبه ، وذلك لا يكون إلا من قادر عليه مختار له ، لانه يقع على ما دعا به الداعي { ويكشف السوء } يعني الآلام يصرفها عنكم { ويجعلكم خلفاء الأرض } أي يجعل أهل كل عصر يخلفون العصر الاول { أإله مع الله } يقدر على ذلك . ثم قال { قليلا ما تذكرون } أي تفكرون قليلا بما قلناه ونبهنا عليه . ثم قال { أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر } بما نصب لكم من الدلالات التي تستدلون بها ، من الكواكب وغيرها { ومن } الذي { يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته } يعني بين يدي المطر والغيث . ومن قرأ بالنون أراد ملقحات . وقيل : معناه منتشرة . ومن قرأ بالباء أراد مبشرات بالمطر . ثم نزه نفسه عن الاشراك به واتخاذ إله معه فقال { تعالى عما يشركون } ثم قال { أم من يبدؤ الخلق ثم يعيده } يبدؤهم بأن يخترعهم ابتداء ، ثم يعيدهم بعد أن يميتهم ، ويعيدهم إلى ما كانوا عليه { ومن يرزقكم من السماء والأرض } من السماء بالغيث والمطر . ومن الارض بالنبات وانواع الثمار { أإله مع الله } يقدر على ذلك { قل } لهم يا محمد { هاتوا برهانكم } وحجتكم { إن كنتم صادقين } في قولكم محقين في الاشراك معه ، فاذا لم تقدروا على اقامة البرهان على ذلك ، فاعلموا انه لا إله معه ، ولا يستحق العبادة سواه ، لان كان ما يكون حقاً من أمر الدين لا بد أن يكون عليه دلالة وبرهان . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { قل } يا محمد { لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } يعني الغائب عن الخلق لا يعلم به إلا الله تعالى أو من أعلمه الله ، ثم اخبر انهم لا يشعرون متى يبعثون ويحشرون يوم القيامة .