Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 71-75)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم { يقولون متى هذا الوعد } الذي توعدنا به { إن كنتم صادقين } في اخباركم بذلك في البعث والنشور ، والوعد من الحكيم على ضربين : احدهما - ان يكون مقيداً بوقت ، فاذا جاء ذلك الوقت فلا بد أن يفعل فيه ما وعد به . والثاني - ان يكون مطلقاً غير موقت إلا انه لا بد أن يكون معلوماً لعلام الغيوب الوقت الذي يفعل فيه الموعد به ، فاذا كان ذلك الوقت معلقاً بزمان تعين عليه الفعل في ذلك الوقت ، فلا بد للموعود به من وقت ، وإن لم يذكر مع الوعد . ثم امر نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ان يقول لهم { عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون } فعسى من الله واجبة ، والمعنى ان الذي وعدكم الله به لا بد أن يردفكم ، والردف الكائن بعد الأول قريباً منه . والفرق بينه وبين التابع أن في التابع معنى الطلب لموافقة الأول ، وترادف إذا تلاحق ، تلاحقا ترادفا ، واردفه اردافاً . ومعنى { ردف لكم } قرب منكم ودنا - في قول ابن عباس - وقيل : تبع لكم . والاستعجال طلب الأمر قبل وقته ، فهؤلاء الجهال طلبوا العذاب قبل وقته تكذيباً به . وقد أقام الله عليهم الحجة فيه . و ( ردف ) من الافعال التي تتعدى بحرف وبغير حرف ، كما قال الشاعر : @ فقلت لها الحاجات تطرحن بالفتى وهم يعناني معناً ركائبه @@ وقيل : ان الباء انما دخلت للتعدية . وقيل : انما دخلت لما كان معنى تطرحن ترمين ، وكذلك لما كان معنى { ردف لكم } دنا ، قال { لكم } قال المبرد : معناه ردفكم واللام زائدة . وقيل { بعض الذي تستعجلون } يوم بدر . وقيل : عذاب القبر . ثم قال { وإن ربك لذو فضل على الناس } والفضل الزيادة على ما للعبد بما يوجبه الشكر ، فالعدل حق العبد . والفضل فيه واقع من الله لا محالة إلا انه على ما يصح وتقتضيه الحكمة . ثم اخبر ان { أكثر الناس لا يشكرون } الله على نعمه بل يكفرونه . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { وإن ربك } يا محمد { ليعلم ما تكن صدورهم } أي ما تخفيه صدورهم ، يقال : كننت الشيء في نفسي ، وأكننته إذا سترته في نفسك ، فهو مكن ومكنون لغتان . قال الرماني : الاكنان جعل الشيء بحيث لا يلحقه أذى لمانع يصد عنه { وما يعلنون } أي يعلم ما يظهرونه ايضاً . ثم قال { وما من غائبة في السماء والأرض } أي ليس شيء يغيب علمه عن أهل السماء والارض { إلا } ويبينها الله { في كتاب مبين } وهو الكتاب المحفوظ . وقال الحسن : الغائبة القيامة . وقال النقاش : ما غاب عنهم من عذاب السماء والارض . وقيل : هو ما أخفاه الانسان عن قلبه وعينه . وقال البلخي : معنى { في كتاب مبين } أي هو محفوظ لا ينساه كما يقول القائل : أفعالك عندي مكنونة أي محفوظة .