Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 21-25)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
خمس آيات كوفي ، وست فيما عداه ، عد الكل { يسقون } آية إلا الكوفيين فانهم عدوها وما بعدها إلى { كبير } آية . قرأ ابو عمرو ، وابن عامر ، وابو جعفر { حتى يصدر } بفتح الياء وضم الدال . الباقون - بضم الياء وكسر الدال - والصدر الانصراف عن الماء : صدر يصدر صدراً وأصدره غيره إصداراً ، ومنه والصدر ، لان التدبير يصدر عنه ، والمصدر لان الافعال تصدر عنه . فمن فتح الياء أسند الفعل إلى الرعاء ، ومن ضمه أراد اصدارهم عنه ومواشيهم . حكى الله تعالى ان موسى لما انذره مؤمن آل فرعون ، وأن اشراف قومه ورؤساءهم قد ائتمروا على قتله ، وأمره بالخروج من المدينة خرج ( ع ) { خائفاً يترقب } أي يطلب ما يكون ويتوقعه ، والترقب طلب ما يكون من المعنى على حفظه للعمل عليه ، ومثله التوقع وهو طلب ما يقع من الأمر متى يكون . وقال قتادة وخرج منها خائفاً من قتله النفس يترقب الطلب . وقيل خرج بغير زاد وكان لا يأكل الا حشاش الصحراء إلى أن بلغ ماء مدين . وقوله { قال رب نجني من القوم الظالمين } حكاية ما دعا به موسى ربه ، وانه سأله أن يخلصه من القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بالكفر بالله ، وذلك يدل على أن خوفه كان من القتل . وقوله { ولما توجه تلقاء مدين } فالتوجه صرف الوجه إلى جهة من الجهات ، ويقال : هذا المعنى يتوجه إلى كذا أي هو كالطالب له بصرف وجهه اليه ، وتلقاء الشيء حذاه ، ويقال : فعل ذلك من تلقاء نفسه أي من حذا داعي نفسه ، و { مدين } لا ينصرف ، لانه إسم بلدة معرفة ، قال الشاعر : @ رهبان مدين لو رأوك تنزلوا والعصم من شعف العقول الغادر @@ الشعف أعلى الجبل ، والغادر الكبير . وقال ابن عباس : بين مصر ومدين ثمان ليال ، نحو ما بين الكوفة والبصرة . وقوله { عسى ربي أن يهديني سواء السبيل } حكاية ما قال موسى في توجهه ، فانه قال : عسى أن يدلني ربي على سواء السبيل ، وهو وسط الطريق المؤدي إلى النجاة ، لأن الأخذ يميناً وشمالاً يباعد عن طريق الصواب ، ويقرب منه لزوم الوسط على السنن ، فهذا هو المسعى في الهداية ، وقال الشاعر : @ حتى اغيب في سواء الملحد @@ اي في وسطه ، وقال عطاء : عرضت له أربع طرق لم يدر أيها يسلك ، فقال ما قال . ثم أخذ طريق مدين حتى ورد على شعيب ، وهو قول عكرمة . ثم حكى تعالى أن موسى { لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة } يعني جماعة { من الناس يسقون } بهائمهم ويستسقون الماء من البئر { ووجد من دونهم } يعني دون الناس { امرأتين تذودان } أي يحبسان غنمهما ويمنعانها من الورود إلى الماء يقال : ذاذ شاته وإبله عن الشيء يذودها ذوداً إذا احبسها عنه بمنعها منه ، قال سويد بن كراع : @ أبيت على باب القوا في كأنما أذود بها سرباً من الوحش شرعاً @@ وقال الآخر : @ وقد سلبت عصاك بن تميم فما تدري بأي عصاً تذود @@ وقال الفراء : لا يقال : ذدت الناس ، وإنما قالوا ذلك في الغنم والابل ، وقال قتادة : كانتا تذودان الناس عن شائهما . وقال السدي : تحبسان غنمهما فقال لهما موسى { ما خطبكما } أي ما شأنكما ؟ في قول ابن اسحاق ، قال الراجز : @ يا عجبا ما خطبه وخطبي @@ والخطب الأمر الذي فيه تفخيم ، ومنه الخطبة ، لأنها في الأمر المعظم ، ومن ذلك خطبة النكاح والخطاب ، كل ذلك فيه معنى العظم ، فأجابتاه بأننا لا نسقي غنمنا حتى يصدر الرعاء وواحد الرعاء راع ، ويجمع ايضاً رعاة ورعياناً ، والمعنى انا لا نسقي حتى ينصرف الرعاء - فيمن فتح الياء - أو يصرفون غنمهم - فيمن ضم الياء - لأنا لا قوة بنا على الاسقاء ، وإنما ننظر فضول الماء في الحوض - في قول ابن عباس وقتادة وابن اسحاق - { وأبونا شيخ كبير } لا يقدر على أن يتولى ذلك بنفسه ، وقوله { فسقى لهما } قال شريح : رفع لهما حجراً عن بئر لا يقدر على رفعه إلا عشرة رجال ثم استقى لهما . وقال ابن اسحاق : إنه زحم الناس عن الماء حتى آخرهم عنه حتى سقى لهما . وقوله { ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير } معناه إني إلى ما أنزلت فاللام بمعنى إلى ، و ( ما ) بمعنى الذي وما بعده من صلته و { لما } متعلق بقوله { فقير } وتقديره أي فقير إلى ما أنزلت الي من خير . قال ابن عباس : أدرك موسى جزع شديد ، فقال { رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير } وفى الكلام حذف ، لان التقدير إن المرأتين عادتا إلى أبيهما وشكرتا فعله ، فقال أبوهما لاحداهما ادعية لي لأجزيه على فعله { فجاءت إحداهما تمشي على استحياء } قيل : معناه متسترة بكم درعها أو قميصها ، فقالت له { إن أبي يدعوك } ليكافيك على ما سقيت لنا وإن موسى مشى معها حتى وصل اليه { وقص عليه القصص } من اخباره وما مر عليه ، فقال له الشيخ { لا تخف نجوت من القوم الظالمين } قال ابن عباس معناه ليس لفرعون سلطان بأرضنا . وقيل : كان الشيخ أبوهما شعيباً ( ع ) وقال الحسن : بل كان رجلا مسلماً على دين شعيب اخذ الدين عنه ، وشعيب مات قبل ذلك ، وقال قوم : انه كان ابن اخي شعيب ( ع ) .