Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 36-40)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير { قال موسى } بلا واو ، وكذلك هو في مصاحف أهل مكة . الباقون - بالواو - وكذلك هو في المصاحف . وقرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { من يكون } بالياء . الباقون بالتاء . من قرأ بالياء فلأن تأنيث العاقبة ليس بحقيقي . ومن قرأ بالتاء ، فلأن لفظه مؤنث . وتقدير الكلام إن موسى مضى إلى فرعون { فلما جاءهم موسى بآياتنا } أي حججنا { بينات } أي ظاهرات { قالوا } يعني فرعون وقومه ليس { هذا } الذي يدعيه { إلا سحر مفترى } أي مختلق مفتعل . والفرق بين ( لو ) و ( لما ) أن ( لو ) لتقدير وقوع الثاني بالاول ، و ( لما ) للايجاب في وقوع الثاني بالاول . وقولك : ولو جاءهم موسى بآياتنا قالوا ، ليس فيه دليل انهم قالوا وفي ( لما ) دليل على انهم قالوا عقيب مجيء الآيات . وقوله { سحر مفترى } اي سحر مختلق لم يبن على اصل صحيح ، لأنه حيلة موهم خلاف الحقيقة ، فوصفوا الآيات بالسحر والاختلاق ، على هذا المعنى جهلا منهم وذهاباً عن الصواب . وقوله { ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين } أي لم نسمع ما يدعيه ويدعو اليه في آبائنا الذين كانوا قبلنا ، وانما قالوا { ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين } مع شهرة قصة قوم نوح وصالح وغيرهم من النبيين الذين دعوا إلى توحيد الله واخلاص عبادته لأحد امرين : احدهما - للفترة التي دخلت بين الوقتين وطول الزمان جحدوا أن تقوم به حجته . والآخر - إن آباءهم ما صدقوا بشيء من ذلك ، ولا دانوا به ، ووجه الشبهة في أنهم ما سمعوا بهذا في آبائهم الاولين أنهم الكثير الذين لو كان حقاً لأدركوه ، لأنه لا يجوز أن يدرك الحق الأنقص في العقل والرأي ، ولا يدركه الافضل منهما ، وهذا غلط ، لأن ما طريقه الاستدلال قد يصيبه من سلك طريقه ولا يصيبه من لم يسلك طريقه . ثم حكى ما قال موسى بأنه قال { ربي أعلم بمن جاء بالهدى } أي بالدين الواضح والحق المبين من عنده ، ووجه الاحتجاج بقوله { ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده } أنه عالم بما يدعو إلى الهدى مما يدعو إلى الضلال ، فلا يمكن من مثل ما أتيت به من يدعو إلى الضلال ، لأنه عالم بما في ذلك من فساد العباد . ثم بين هذا بقوله { إنه لا يفلح الظالمون } وان عاقبة الصلاح لأهل الحق والانصاف ، وهو كما تقول على طريق المظاهرة بحمل الخطاب : الله أعلم بالمحق منا من المبطل وحجتي ظاهرة ، فاكسرها ان قدرت على ذلك { ومن تكون له عاقبة الدار } يعني الجنة والثواب في الآخرة { إنه لا يفلح } أي لا يفوز بالخير من ظلم نفسه وعصى ربه وكفر نعمه . ثم حكى تعالى ما قال فرعون عند سماع كلام موسى لقومه فانه قال لهم { يا أيها الملاء ما علمت لكم من إله غيري } فلا تصغوا إلى قوله ، حين أعياه الجواب وعجز عن محاجته . ثم قال لهامان { أوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً } قال فالصرح البناء العالي كالقصر ، ومنه التصريح شدة ظهور المعنى قال الشاعر : @ بهن نعام بناها الرجا ل تحسب اعلامهن الصروحا @@ جمع صرح وهي القصور ، وقال قتادة : اول من طبخ الآجر وبنى به فرعون ويقال : الآجر بالتخفيف ، والتثقيل والآجور ثلاث لغات . وقوله { لعلي أطلع إلى إله موسى } فالاطلاع الظهور على الشيء من عل ، وهو الاشراف عليه . وقوله { وإني لأظنه من الكاذبين } حكاية ما قال فرعون فانه قال : أظن موسى من جملة الذين يكذبون ، ثم اخبر تعالى ان فرعون استكبر ، وكذلك جنوده ، واستكبروا { في الأرض بغير الحق ، وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون } إلى الله وإلى ثوابه وعقابه . وقوله { فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم } اخبار منه تعالى انه اخذ فرعون وجنوده أي جمعهم وطرحهم في البحر ، وغرقهم . والنبذ الالقاء ، قال ابو الاسود الدؤلي : @ نظرت إلى عنوانه فنبذته كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا @@ وقال قتادة : البحر الذى غرق فيه فرعون يقال له : اسناد ، على مسيرة يوم من مصر .