Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 41-45)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اخبر الله تعالى انه جعل فرعون وقومه { أئمة يدعون إلى النار } وقيل في معناه قولان : احدهما - انا عرفنا الناس انهم كانوا كذلك ، كما يقال : جعله رجل شرّ بتعريفه حاله . والثاني - انا حكمنا عليهم بذلك ، كما قال { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة } وكما قال { وجعلوا لله شركاء الجن } وانما قال ذلك ، واراد انهم حكموا بذلك ، وسموه . والجعل على اربعة اقسام : احدها - بمعنى الاحداث ، كقوله { وجعلنا الليل والنهار آيتين } وقوله { وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً } الثاني - بمعنى قلبه من حال إلى حال كجعل النطفة علقة إلى ان تصير انساناً . الثالث - بمعنى الحكم انه على صفة ، كما قال انه جعل رؤساء الضلالة يدعون إلى النار اى حكم بذلك . الرابع - بمعنى اعتقد انه على حال كقولهم جعل فلان فلاناً راكباً إذا اعتقد فيه ذلك . والامام هو المقدم للاتباع يقتدون به ، فرؤساء الضلالة قدموا في المنزلة لاتباعهم فيما يدعون اليه من المغالبة . وانما دعوهم إلى فعل ما يؤدي بهم إلى النار ، فكان ذلك كالدعاء إلى النار . والداعي هو الطالب من غيره ان يفعل إما بالقول او ما يقوم مقامه ، فداعي العقل بالاظهار الذى يقوم مقام القول . وكذلك ظهور الارادة يدعو إلى المراد . وقوله { ويوم القيامة لا ينصرون } معناه : إنهم كانوا يتناصرون في الدنيا ، وهم لا ينصرون في الآخرة بنصر بعضهم لبعض ، ولا غيره ولا احد ينصرهم . وقوله { واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة } معناه الحقنا بهم في هذه الدنيا لعنة بأن لعناهم وابعدناهم من رحمتنا . وقال ابو عبيدة معناه ألزمناهم بأن امرنا بلعنهم ، قوماً بعد قوم { ويوم القيامة هم من المقبوحين } مع اللعنة . والاتباع إلحاق الثاني بالأول ، فهؤلاء الدعاة إلى الضلالة ألحقوا اللعنة تدور معهم حيث ما كانوا ، وفى ذلك أعظم الزجر عن القبيح . وقيل : المقبوح المشوه بخلقته لقبيح عمله ، ويقال : قبحه الله يقبحه قبحاً ، فهو مقبوح إذا جعله قبيحاً وقال ابو عبيدة : معنى ( المقبوحين ) المهلكين . ثم اخبر تعالى انه أعطى موسى الكتاب يعني التوراة من بعد ان اهلك القرون الاولى من قوم فرعون وغيرهم ، وانه فعل ذلك { بصائر للناس } وهي جمع بصيرة يتبصرون بها ويعتبرون بها وجعل ذلك هدى يعني ادلة وبياناً ورحمة اي ونعمة عليهم لكي يتذكروا ويتفكروا فيعتبروا به . وقوله { وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين } معناه ما كنت بجانب الغربي أي الجبل - في قول قتادة - حين قضينا إليه الأمر اى فصلنا له الأمر بما ألزمناه وقومه وعهدنا اليه فيهم ، فلم تشهد انت ذلك { ولكنا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين } أى مقيماً فالثاوي المقيم قال الاعشى : @ أثوى وقصر ليلة ليزّودا ومضى وأخلف من قتيلة وموعدا @@ { تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين } والمعنى انك لم تشهد احساننا إلى إلى عبادنا بارسال الرسل ونصب الآيات وانزال الكتب بالبيان والهدى وما فيه الشفاء للعمى كأنه يقول لم تراي شيء كان هناك ، تفخيماً لشأنه مع إنك انما تخبر به عنا ، ولولا ما أعلمناك منه لم تهتد له .