Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 46-50)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة { سحران } بغير الف . الباقون { ساحران } وقيل في معناه قولان : احدهما - قال مجاهد اراد موسى وهارون ، والثاني - قال ابن عباس : أراد موسى ومحمداً { تظاهرا } : اي تعاونا . ومن قرأ { سحران } قال ابن عباس : أراد التوراة والقرآن . وقال الضحاك : اراد الانجيل والقرآن . وقال عكرمة : أراد التوراة والانجيل . ومن اختار { ساحران } فلأنه قال تظاهرا وذلك إنما يكون بين الساحرين دون السحرين . ومن قرأ { سحران } قال : في ذلك ضرب من المجاز ، كما قال { بكتاب من عند الله هو أهدى } والكتاب يهتدى به ، ولا يهدي . وانما يقال ذلك مجازاً . يقول الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { ما كنت بجانب الطور } الذي كلم الله عليه موسى حين ناداه وكلمه . وقال له { إنني أنا الله } { يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين } { فخذها بقوة } وقيل : إن هذه المرة الثانية التي كلم الله فيها موسى { ولكن رحمة من ربك } ومعناه لكن آتيناك علم ذلك رحمة من ربك ، ونعة عليك ، لما فيه من العبرة والموعظة ، وإن سبيلك لسبيل غيرك من النبيين في التأييد والمعجزة الدالة على النبوة . وقوله { لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك } فالانذار الاعلام بموضع المخافة ليتقى ، فالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) نذير لأنه معلم بالمعاصي ، وما يستحق عليها من العقاب ، لتتقى بالطاعات ، والنذر العقد على ضرب من البر بالسلامة من الخوف والمعنى إنا أعلمناك لتخوف قوماً لم يأتهم مخوف قبلك ليتذكروا ويعتبروا ، وينزعوا عن المعاصي . و ( التذكر ) طلب الذكر بالفكر والنظر . وقوله { ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم } أي لولا أن تلحقهم مصيبة جزاء على ما كسبت ايديهم فيقولوا حينئذ { لولا أرسلت إلينا رسولاً } اي هلا ارسلت الينا من ينهانا عن المعاصي ويدعونا إلى الطاعات { فنتبع آياتك } أي ادلتك وبيناتك { ونكون من المؤمنين } بوحدانيتك لما أهلكناهم عاجلا بكفرهم ، فجواب { لولا } محذوف لدلالة الكلام عليه ، لأن معنى الكلام الامتنان عليهم بالامهال حتى يتذكروا ما أتى به الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال قوم جواب { لولا } { أرسلت إلينا رسولاً } . وفي الآية دلالة على وجوب فعل اللطف ، لأنه لو لم يكن فعله واجباً لم يكن للآية معنى صحيح . ثم اخبر تعالى انه { فلما جاءهم } يعني الكفار { الحق من عندنا } من عند الله من القرآن والادلة الدالة على توحيده { قالوا } عند ذلك : هلا أوتى محمد من المعجزات { مثل ما أوتي موسى } من قبل : من فلق البحر وقلب العصا حية وغير ذلك . فقال الله تعالى { أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل } قال الجبائي معنى { أولم يكفروا } اي او لم يكفر من كان في عصر موسى وهارون ، ونسبوهما إلى السحر فـ { قالوا ساحران تظاهرا } اي موسى ومحمد - في قول ابن عباس ، وفي قول مجاهد : موسى وهارون . ومن قرأ { سحران } أراد التوراة والقرآن او التوراة والانجيل او الانجيل والقرآن . على ما حكيناه بخلاف فيه وأنهم قالوا مع ذلك { إنا بكل كافرون } اي بكل ما امر به ، وذكر انه من عند الله . ويحتمل ان يكون المراد بموسى وهارون . وقال الحسن : المعني بقوله { إنا بكل كافرون } مشركوا العرب الذين كفروا بالتوراة والانجيل والقرآن . ثم امر تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) أن يقول لكفار قومه { فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما } يعني من كتاب موسى وكتاب محمد - في قول ابن زيد - { أتبعه إن كنتم صادقين } فيما تدعونه ، ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { فإن لم يستجيبوا لك } مع ظهور الحق { فاعلم أنما يتبعون أهواءهم } أي ما تميل طباعهم اليه ، لأن الهوى ميل الطبع إلى المشتهى . وما عمل على انه حسن للهوى فلا يجوز أن يكون طاعة لكنه أبيح أن يفعله على هذا الوجه ، كما أبيح أن يفعله للذة والشهوة ، والاستمتاع به . وانما يكون طاعة لله ما عمل على أنه حسن لان الحكم دعا اليه او لان الحكمة دعت اليه إذ كلما دعت اليه الحكمة بالترغيب فيه فالحكم داع اليه . ثم اخبر تعالى فقال { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين } أي لا يهديهم إلى طريق الجنة . ويجوز ان يكون المراد لا يحكم بهدايتهم ، لانهم عادلون عن طريق الحق .