Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 51-55)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى إنا { وصلنا } لهؤلاء الكفار { القول } وقيل في معناه قولان : احدهما - قال ابن زيد { وصلنا لهم القول } في الخبر عن أمر الدنيا والآخرة الثاني - قال الحسن البصري { وصلنا لهم القول } بما أهلكنا من القرون قرناً من قرن فأخبرناهم أنا أهلكنا قوم نوح بكذا ، وقوم هود بكذا ، وقوم صالح بكذا { لعلهم يتذكرون } فيخافوا أن ينزل بهم ما نزل بمن كان قبلهم . واصل التوصيل من وصل الحبال بعضها بعض . ومنه قول الشاعر : @ فقل لبني مروان ما بال ذمة وحبل ضعيف ما يزال يوصّل @@ والمعنى انا اتبعنا القرآن بعضه بعضاً . وقيل : معناه فصلنا لهم القول . وقوله { الذين آتيناهم الكتاب } يعني التوراة { من قبله } يعني من قبل القرآن وقد تقدم ذكره في قوله { فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل } . وقوله { هم به يؤمنون } أي هم بالقرآن يصدقون من قبل نزوله وبعد نزوله . ويحتمل أن تكون الكناية عن النبي صلى الله عليه وآله ، وتقديره الذين آتيناهم الكتاب من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون ، لأنهم كانوا يجدون صفته في التوراة ثم قال { وإذا يتلى عليهم } يعني القرآن { قالوا آمنا به } أي صدقنا به { إنه الحق من ربنا إنا كنا } من قبل نزوله { مسلمين } به مستمسكين بما فيه . ثم اخبر تعالى ان هؤلاء الذين وصفهم يعطيهم الله أجرهم اي ثوابهم على ما صبروا في جنب الله { مرتين } إحداهما - لفعلهم الطاعة ، والثانية للصبر عليها لما يوجبه العقل من التمسك بها ، والصبر حبس النفس عما تنازع اليه فيما لا يجوز أن يتخطأ اليه ، ولذلك مدح الله الصابرين . والصبر على الحق مر إلا أنه يؤدي إلى الثواب الذي هو أحلى من الشهد ، فهؤلاء صبروا على الامتناع من المعاصي ، وعلى فعل الطاعات . وقيل : صبروا على الأذى في جنب الله . ثم وصف الصابرين الذين ذكرهم فقال { ويدرؤن بالحسنة السيئة } يعني يدفعون بالتوبة المعاصي ، لان الله تعالى يسقط العقاب عندها . وقيل : معناه يدفعون بالكلام الجميل اللغو من كلام الكفار . وقيل : ان ذلك قبل الأمر بقتالهم ، ولا يمتنع أن يؤمروا ، بالاعراض عن مكالمتهم مع الأمر بقتالهم ، ولا تنافي بينهما على حال . ثم قال { ومما رزقناهم ينفقون } أي جعلنا لهم التصرف فيها ، وملكناهم إياها ينفقون في طاعة الله ، وفي سبيل الخير ، وإذا سمعوا لغواً من الكلام ، ورأوا لغواً من الفعل أعرضوا عنه ، ولم يخاصموا فيه فقالوا لفاعل اللغو { لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } أي لنا جزاء اعمالنا ولكم جزاء اعمالكم { سلام عليكم } أي ويقولون لهم قولا يسلمون منه . ويقولون { لا نبتغي الجاهلين } أي لا نطلبهم ولا نجازيهم على لغوهم . واللغو الفعل الذي لا فائدة فيه ، وانما يفعله فاعله على توهم فاسد ، واللغو واللغا بمعنى واحد . قال الشاعر : @ عن اللغا ورفث التكلم @@ ومن احسن الأدب الاعراض عن لغو الكلام . وقيل : ان هذه الآيات نزلت في عبدالله بن سلام ، وتميم الداري ، والجارود العبدي ، وسلمان الفارسي لما اسلموا نزلت فيهم هذه الآيات - على ما ذكره قتادة - وقال غيره : انها نزلت في أربعين رجلا من أهل الانجيل كانوا مسلمين بالنبي صلى الله عليه وآله قبل مبعثه : اثنان وثلاثون رجلا من الحبشة أقبلوا مع جعفر بن ابي طالب وقت قدومه ، وثمانية قدموا من الشام : منهم بحيرا ، وابرهه ، والاشرف ، وعامر ، وايمن وإدريس ، ونافع ، قال قتادة : آتاهم الله أجرهم مرتين ، لايمانهم بالكتاب الأول وإيمانهم بالكتاب الثاني .