Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 66-70)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما حكى الله تعالى أنه ينادي الكفار يوم القيامة ويقررهم عما أجابوا به المرسلين ، أخبر انهم تعمى عليهم الحجج ، فهم لا يسأل بعضهم بعضاً . والعمى آفة تنافي صحة البصر { فعميت عليهم الأنباء } فيه تشبيه بالعمى عن الابصار لانسداد طريق الاخبار عليهم ، كما تنسد طرق الأرض على الأعمى ، ومعنى { فهم لا يتساءلون } أي هم لانسداد طرق الاخبار عليهم لم يجيبوا عما سئلوا عنه ، ولا يسأل بعضهم بعضاً عنه ، لانقطاعهم عن الحجة ، ولا ينافي قوله { فهم لا يتساءلون } قوله في موضع آخر { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } لان يوم القيامة مواطن يختلف فيها حالهم ، فمرة تطبق عليهم الحيرة ، فلا يتساءلون ، ومرة يفيقون فيتساءلون . وقال الحسن : لا يسأل بعضهم بعضاً أن يحمل عنه شيئاً كما كانوا في الدنيا . ثم اخبر تعالى " ان من تاب " من المعاصي ورجع عنها إلى الطاعات ، واضاف إلى ذلك الاعمال الصالحات { فعسى أن يكون من المفلحين } وانما أدخل ( عسى ) في اللفظ مع انه مقطوع بفلاحه ، لأنه على رجاء أن يدوم على ذلك ، فيفلح ، وقد يجوز أن يزول فيما بعد ، فيهلك ، فلهذا قال { فعسى } على انه قيل : إن عسى من الله في جميع القرآن واجبة . ثم اخبر تعالى فقال { وربك } يا محمد { يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة } قيل في معناه قولان : احدهما - يختار الذي كان لهم فيه الخيرة ، فدل بذلك على شرف اختياره لهم . الثاني - أن تكون ( ما ) نفياً أي لم يكن لهم الخيرة على الله بل لله الخيرة عليهم ، لأنه مالك حكيم في تدبيرهم ، فيكون على هذا الوجه الوقف على قوله { ويختار } وهو الذي اختاره الزجاج . وقال الحسن : معناه { ما كان لهم الخيرة } اي أن يختاروا الأنبياء ، فيبعثوهم . وقال مجاهد { لا يتساءلون } بالانساب والقرابات . وقيل { لا يتساءلون } بما فيه حجج لهم ، وقوله { سبحانه وتعالى عما يشركون } معناه ما عظم الله حق عظمته من اشرك في عبادته ، لأن من تعظيمه اخلاص الالهية له ، وانه الواحد فيما تفرد به على استحقاق العبادة ، وانه لا يجوز أن يستغنى عنه بغيره ، فمن اشرك في عباته فما عظمه حق تعظيمه ، فهذا قد قبح فيما أتى وضيع حق نعمه . ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " وربك يا محمد يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون " أي عالم بما يخفونه وما يظهرونه . يقال : اكننت الشيء في صدري أي أخفيته و ( كننته ) بغير ألف صنته . وقيل : كننت الشئ واكننته لغتان . ثم اخبر تعالى انه الإله الذي لا إله سواه ، ولا يستحق العبادة غيره في جميع السموات والارض ، وانه يستحق الثناء والحمد والمدح والتعظيم ، على ما انعم به على خلقه في الدنيا والاخرة { وله الحكم } بينهم بالفصل بين المختلفين بما يميز به الحق من الباطل . وان جميع الخلق يرجعون اليه يوم القيامة الذي لا يملك احد الحكم غيره . وقيل قوله { وربك يخلق ما يشاء ويختار } ذلك في الوليد بن المغيرة حين قال { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } فبين الله تعالى أن له أن يختار ما يشاء لنبوته ورسالته بحسب ما يعلم من يصلح لها .