Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 71-75)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار الذين عبدوا معي آلهة تنبيهاً لهم على خطئهم { أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً } أي دائماً { إلى يوم القيامة } بلا نهار ولا ضياء { من إله غير الله يأتيكم بضياء } كضياء النهار تبصرون فيه ، فانهم لا يقدرون على الجواب عن ذلك إلا بأنه لا يقدر على ذلك سوى الله تعالى ، فحينئذ يلزمهم الحجة بأنه لا يستحق العبادة غير الله وهذا تنبيه منه لنبيه صلى الله عليه وآله ولخلقه على وجه الاستدلال على توحيده ويبطل ذلك قول من قال : المعارف ضرورية . لأنه لو كان تعالى معلوماً ضرورة لما احتاج الأمر إلى ذلك ، لان كونه معلوماً ضرورة يغني عن الاستدلال عليه ، وما لا يعلم ضرورة من أمر الدين ، فلا يصح معرفته إلا ببرهان يدل عليه . وقوله { أفلا تسمعون } معناه أفلا تقبلونه وتتفكرون فيه ؟ وفى ذلك تبكيت لهم على ترك الفكر فيه ، لانهم إذا لم يفكروا فيما يسمعونه من حجج الله فكأنهم ما سمعوه . وقيل في قوله { أفلا تسمعون } قولان : احدهما - افلا تسمعون هذه الحجة فتتدبرونها وتعملون بموجبها إذ كانت بمنزلة الناطقة بأن ما انتم عليه خطأ وضلال يؤدي إلى الهلاك . والثاني - ان معناه أفلا تقبلون . ثم نبههم ايضاً فقال { أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً } أي دائماً { إلى يوم القيامة } بلا ليل تسكنون فيه ، فانهم لا يقدرون على الجواب عن ذلك إلا بما يدل على فساد معتقدهم ، وهو انه لا يقدر على ذلك غير الله ، فحينئذ تلزمهم الحجة بأنه لا يستحق العبادة سواه . وقوله { أفلا تبصرون } معناه أفلا تتفكرون فيما ترونه ، لأن من لا يتدبر بما يراه من الحجج والبراهين فكانه لم يرها . وقيل معناه ألا تعلمون ثم قال { ومن رحمته } أي من نعمه عليكم أن { جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا } في الليل { ولتبتغوا من فضله } بالنهار بالسعي فيه ، ولكي تشكروا هذه النعم التي أنعم بها عليكم ، والهاء في قوله { لتسكنوا فيه } يحتمل وجهين : احدهما - ان يعود إلى الليل خاصة ، ويضمر مع الابتغاء هاء أخرى ، الثاني - ان يعود الضمير اليهما إلا انه وحد ، لأنه يجري مجرى المصدر في قولهم : اقبالك وادبارك يؤذيني ، والاول أصح ، لان الليل للسكون فيه ، والنهار للتصرف والحركة ، ولكنه يحتمل ليكونوا في هذا على التصرف وفي ذاك على الهدوء وقطع التصرف ، وانما كان الفساد في ادامة النهار في دار التكليف ، ولم يكن في دار النعيم ، لأن دار التكليف لا بد فيها من التعب والنصب الذي يحتاج معه إلى الاستجمام والراحة ، وليس كذلك دار النعيم ، لانه انما يتصرف فيها بالملاذ . وقوله { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } قد مضى تفسيره ، وانما كرر النداء بـ { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } لان النداء الأول للتقرير بالاقرار على اليقين بالغي الذي كانوا عليه ودعوا اليه . والثاني - للتعجيز عن اقامة البرهان لما طولبوا به بحضرة الاشهاد مع تقريع حاصل به بالاشراك بعد تقريع . ثم اخبر تعالى انه نزع { من كل أمة } من الأمم { شهيداً } يشهد على تلك الامة بما كان فيها ، ومعنى { نزعنا } أخرجنا وأحضرنا يقال : فلان ينزع إلى وطنه بأن يحن اليه حنيناً يطالبه بالخروج اليه . قال قتادة ومجاهد : شهيدها نبيها الذي يشهد عليها بما فعلوه ، وقيل هؤلاء الشهود : هم عدول الآخرة الذين لا يخلو زمان منهم يشهدون على الناس بما عملوا من عصيانهم . وقوله { هاتوا برهانكم } حكاية عما يقول الله تعالى للكفار في الآخرة فانه يقول لهم هاتوا حجتكم على ما ذهبتم اليه { إن كنتم صادقين } ثم اخبر تعالى انهم عند ذلك يعلمون { أن الحق لله } أي ان التوحيد لله والاخلاص في العبادة له دون غيره لان معارفهم . ضرورة { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي بطل ما عبدوه من دون الله ، وافتراءهم هو ادعاءهم الالهية مع الله تعالى .