Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 6-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { وحزناً } بضم الحاء ، واسكان الزاي . الباقون بفتحهما ، وهما لغتان . يقال : حزن وحزن مثل نجل ونجل . وقرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { ويري فرعون وهامان } بالياء ورفع ( فرعون ، وهامان ) باسناد الرؤية اليهما . الباقون بالنون ، ونصب ( فرعون وهامان ) باسناد الفعل إلى الله ، وكونهما مفعولين . لما اخبر الله تعالى أنه يريد ان يمن على الذين استضعفوا في الارض ويجعلهم ائمة ، أخبر في هذه الآية أنه يريد أن يمكنهم في الارض ، والتمكين هو فعل جميع ما لا يصح الفعل ولا يحصل إلا معه : من القدرة والآلة واللطف وغير ذلك . وقال الرماني : اللطف لا يدخل في التمكين ، لانه لو دخل فيه لكان من لا لطف له لم يكن ممكناً ، ولكن يقال : انه من باب ازاحة العلة . ثم بين انه تعالى " يري فرعون وهامان وجنودهما منهم " يعني من بني اسرائيل { ما كانوا يحذرون } من زوال ملكهم على يد رجل من بني اسرائيل ، ولذلك ذبح فرعون أبناءهم . ومن قال : ان الآية في شأن المهدي ( ع ) حمل فرعون وهامان على فرعون هذه الأمة وهامانها ، والكناية في { منهم } عائدة على أنصار المهدي ( ع ) قالوا : وهذه أولى ، لانه بلفظ الاستقبال ، لأن في أوله النون او الياء على اختلاف القراءتين وهما للمضارعة . والحذر توقي ما فيه المضرة ، فهؤلاء الذين طلبوا الحذر في غير وجهه ، اذ قتلوا الاطفال ظلماً لأجله ، ولو طلبوه بالرجوع إلى الله ، ودعائه ليكشف عنهم لكانوا طالبين له من وجهه . وقوله { وأوحينا إلى أم موسى } أي ألهمناها ، وقذفنا في قلبها ، وليس بوحي نوم ، ولا نبوة - في قول قتادة وغيره - وقال الجبائي : كان الوحي رؤيا منام عبر عنه مؤمن به من علماء بني إسرائيل . وقوله { أن أرضعيه } أي الهمناها إرضاع موسى { فإذا خفت عليه فألقيه في اليم } فالخوف توقع ضرر لا يؤمن به . وقال الزجاج : معنى { أوحينا إلى أم موسى } اعلمناها ، وقوله { فألقيه في اليم } أمر من الله تعالى لأم موسى انها إذا خافت على موسى من فرعون أن ترضعه وتطرحه في اليم . واليم البحر ، ويعني به النيل { ولا تخافي ولا تحزني } نهي من الله تعالى لها من الخوف والحزن ، فانه تعالى أراد أن ينزيل خوف أم موسى بما وعدها الله من سلامته على أعظم الأمور في القائه في البحر الذي هو سبب الهلاك في ظاهر التقدير ، لولا لطف الله تعالى بحفظه حتى يرده إلى أمه . ووعدها بأنه يرده عليها بقوله { إنا رادوه إليك } ووعدها أيضاً بان يجعله من جملة الانبياء المرسلين بقوله { وجاعلوه من المرسلين } . ثم اخبر ان آل فرعون التقطوه ، وفي الكلام حذف ، لان تقديره ان أم موسى طرحته في البحر ومضى في البحر إلى أن بلغ قصر فرعون فالتقطه آل فرعون . والالتقاط هو اصابة الشيء من غير طلب ، ومنه اللقطة قال الراجز : @ ومنهل وردته التقاطا لم ألق اذ وردته فراطا @@ وقوله { ليكون لهم عدواً وحزناً } اللام لام العاقبة ، لأنهم لم يلتقطوه لأن يصير لهم عدواً وحزناً ، بل التقطوه ليكون قرة عين لهم ، ومثله قول الشاعر : @ لدوا للموت وابنوا للخراب @@ ومنه قوله { ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً } ثم اخبر تعالى { إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين } عاصين لله في أفعالهم ، ثم حكى تعالى أن امرأة فرعون لما جيئ بموسى اليها ورأته وعطف الله بقلبها عليه جاءت به إلى فرعون ، وقالت { قرة عين لي ولك } أي قرة عين هذا الولد لي ولك { لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً } إذا ربيناه وكبر { وهم لا يشعرون } بأن هلاكهم على يديه ، في قول قتادة . ثم قال { وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً } قال ابن عباس وقتادة والضحاك : معناه فارغاً من كل شيء إلا من ذكر موسى . وقال الحسن وابن زيد وابن اسحاق : فارغاً من وحينا بنسيانه ، فانها نسيت ما وعدها الله به . وقيل : فارغاً من الحزن لعلمها بأن ابنها ناج سكوناً إلى ما وعد الله وقبلت به . وقوله { إن كادت لتبدي به } قال ابن عباس وقتادة والسدي : معناه كادت لتبدي بذكر موسى . وتقول : يا ابناه . وقيل : ان كادت لتبدي بالوحي . وقوله { لولا أن ربطنا على قلبها } فالربط على القلب تقويته على الأمر حتى لا يخرج منه إلى ما لا يجوز . وجواب ( لولا ) محذوف ، وتقديره لولا أن ربطنا على قلبها لأظهرته . وقوله { لتكون من المؤمنين } معناه فعلنا ذلك بها لتكون من جملة المؤمنين المصدقين بتوحيد الله وعدله .