Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 26-30)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ست آيات حجازي وخمس في ما عداه عدوا { السبيل } آية ولم يعدها الباقون . قرأ اهل الحجاز وابن عامر وحفص ويعقوب { إنكم لتأتون الفاحشة } بهمزة واحدة على الخبر . وقرأه اهل الكوفة . إلا حفصاً بهمزتين مخففتين على الاستفهام . وقرأ ابو عمرو كذلك إلا انه بلين الثانية ، ويفصل بينهما بألف ، وأما { إنكم لتأتون الرجال } فانهم على اصولهم . حكى الله سبحانه ان ابراهيم لما دعا قومه إلى اخلاص عبادة الله وترك عبادة الاوثان ، وقبح فعلهم في ذلك أنه صدّق به لوط عليه السلام وآمن به . وكان ابن اخته ، فابراهيم خاله وهو قول ابن عباس وابن زيد والضحاك وجميع المفسرين . وقال لوط { إني مهاجر إلى ربي } معناه اي خارج من جملة الظالمين على جهة الهجر لهم لقبح أفعالهم إلى حيث أمرني ربي ، ومن هذا هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة وإلى أرض الحبشة ، لانهم هجروا ديارهم وأوطانهم لأذى المشركين لهم فأمروا بأن يخرجوا عنها . وقيل : هاجر ابراهيم ولوط من كوثى ، وهي من سواد الكوفة إلى أرض الشام في قول قتادة . وقال { إنه هو العزيز الحكيم } الذي لا تضيع الطاعة عنده ، العزيز الذي لا يذل من نصره . ثم قال { ووهبنا له } يعني لابراهيم { إسحاق ويعقوب ، وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب } قيل : إنما لم يذكر اسماعيل مع انه نبي معظم ، لأنه قد دل عليه بقوله { وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب } فترك ذكر اسمه لانه يكفي فيه الدلالة عليه لشهرته وعظم شأنه ، وذكر ولد ولده في سياقه ذكر ولده ، لأنه يحسن اضافته اليه ، لأنه الأب الاكبر له . وقوله { وآتيناه أجره في الدنيا } قال ابن عباس : الاجر في الدنيا الثناء الحسن ، والولد الصالح ، وقال الجبائي : هو ما أمر الله به المكلفين من تعظيم الأنبياء . قال البلخي : وذلك يدل على انه يجوز أن يثيب الله في دار التكليف ببعض الثواب . و ( الكتاب ) أريد به الكتب ، من التوراة والانجيل والزبور والقرآن ، غير انه خرج مخرج الجنس . { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } اخبار منه تعالى أن ابراهيم مع انه آتاه أجره وثوابه في الدنيا إنه في الآخرة يحشره الله من جملة الصالحين العظيمي الاقدار ، لما قاموا به من النبوة على ما أمر الله به ، وقوله { ولوطاً إذ قال لقومه } يحتمل نصبه أيضاً بشيئين : احدهما - و ( أرسلنا لوطاً ) عطفاً على ( نوحاً وابراهيم ) . والثاني - بتقدير واذكر لوطاً حين قال لقومه { إنكم لتأتون الفاحشة } من قرأ بلفظ الاستفهام أراد به الانكار دون الاستعلام . ومن قرأ على الخبر أراد إن لوطاً أخبرهم بذلك منكراً لفعلهم لا مفيداً لهم ، لأنهم كانوا يعلمون ما فعلوه . والفاحشة - ها هنا - ما كانوا يفعلونه من اتيان الذكران في أدبارهم { ما سبقكم بها } بهذه الفاحشة أحد من الخلائق . ثم فسر ما أراد بالفاحشة فقال { إنكم لتأتون الرجال } يعني في أدبارهم ، والفاحش الشنيع في القبح ، فحش فلان يفحش فحشاً وتفاحش تفاحشاً إذا شنع في قبحه ، وهو ظهوره بما تقتضي العقول بالبديهه ردّه وانكاره . وقوله { وتقطعون السبيل } قيل : انهم كانوا يقطعون الطريق لأخذ الأموال ، وقيل : يقطعون سبيل الولد باتيان الذكران في الأدبار ، وقيل : بالعمل الخبيث ، لأنهم كانوا يطلبون الغرباء { وتأتون في ناديكم المنكر } قال ابن عباس : كانوا يضرطون في مجالسهم ، وقال السدي : كانوا يحذفون من مرّ بهم . وقال مجاهد : كانوا يأتون الرجال في مجالسهم . وقال الكلبي : منها الحذف ، والصفير ، ومضغ العلك ، والرمي بالبندق ، وحل ازرار القبا والقميص . وهي ثماني عشرة خصلة . وقال غيره : هي عشرة خصال . وقوله { فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين } حكاية عما قال قوم لوط في جوابه حين عجزوا عن مقاومته بالحجة وانهم قالوا له { ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين } في دعواك النبوة وأن الله أرسلك وأمرك بما تدعو اليه ، فقال عند ذلك لوط { رب انصرني على القوم المفسدين } الذين فعلوا المعاصي وارتكبوا القبائح وأفسدوا في الارض والمعنى اكفني شرّهم وأذاهم ، ويجوز أن يريد اهلكهم ، وانزل عذابك عليهم .